معايير حماية العلامة التجارية وإجراءات تسجيلها في النظام السعودي

23 نوفمبر, 2025

المقدمة

تُعد العلامة التجارية من أهم عناصر الملكية الفكرية وأركان النشاط التجاري، إذ تمثل الأداة القانونية التي تميز منتجات وخدمات المنشأة المعينة عن غيرها في السوق، وتجسد هوية المنشأة التجارية أمام جمهور المستهلكين. فهي لا تُعد مجرد وسيلة تعريفية أو إعلانية، بل تُعتبر أصلاً معنوياً ذو قيمة اقتصادية كبيرة، لما لها من دور في بناء السمعة التجارية وتكوين الثقة بين المنتج والمستهلك. ومن هذا المنطلق فإن حماية العلامة التجارية يُعد حماية للهوية السوقية والرصيد المعنوي للتاجر، فضلاً عن كونها وسيلة لضمان المنافسة العادلة وتنمية الاقتصاد الوطني. 

وفي السنوات الأخيرة برزت في السوق السعودي العديد من قضايا التعدي والتقليد على العلامات التجارية، سواء من خلال تسجيل علامات مشابهة أو استخدام شعارات ورموز قريبة من علامات مسجلة مسبقاً، الأمر الذي أدى إلى تضليل المستهلكين والإضرار بمصالح التجار والمستثمرين الأصليين. كما ترتب على ذلك آثار اقتصادية سلبية تمثلت في إضعاف ثقة المتعاملين بالأسواق المحلية، وهو ما يستدعي تكثيف الجهود النظامية والرقابية لتوفير حماية فعالة للعلامة التجارية، والحد من ظاهرة التعدي والتقليد التي تمس جوهر العدالة التجارية.

وانطلاقاً من هذه الأهمية المتزايدة، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الإطار النظامي لحماية العلامة التجارية في المملكة العربية السعودية، ومن خلال بيان المعايير الوقائية لتسجيل العلامة التجارية، والضمانات القانونية التي يكفلها من التعدي والتقليد. كما تسعى الدراسة إلى استعراض الإجراءات النظامية المتبعة أمام الهيئة السعودية للملكية الفكرية في تسجيل العلامة، وتحليل مدى كفاية النصوص النظامية القائمة في مواجهة التطورات الاقتصادية والانفتاح التجاري الذي تشهده المملكة، وذلك في ضوء التزاماتها الدولية بموجب اتفاقيات حماية الملكية الفكرية. وبما يعزز من تنافسية السوق الوطنية ويسهم في تحقيق مستهدفات “رؤية 2030” نحو اقتصاد قائم على الابتكار والإبداع.

الفصل الأول: الإطار النظامي لحماية العلامة التجارية

  1. مفهوم العلامة التجارية ودورها في التمييز بين المنتجات والخدمات.

تُعد العلامة التجارية وسيلة قانونية تُستخدم لتمييز منتجات أو خدمات منشأة معينة عن غيرها في السوق. وقد عرفها نظام العلامات التجارية السعودي بأنها كل ما يأخذ شكلاً مميزاً من أسماء، أو كلمات، أو رموز، أو غيرها تستخدم لتمييز السلع أو الخدمات. ويظهر من هذا التعريف أن الغاية الأساسية من العلامة هي تحقيق التمييز بين المنتجات وتحديد مصدرها بما يمنح المستهلك القدرة على التعرف إلى المنتج وثقة التعامل معه. كما تمثل العلامة التجارية أحد أهم عناصر الملكية المعنوية، إذ ترتبط بالسمعة التجارية وتسهم في بناء الثقة بين المنتج والمستهلك، ولذلك منحها النظام السعودي حماية قانونية تكفل صاحبها حق الاستئثار باستعمالها ومنع الغير من تقليدها أو الاعتداء عليها.

  1. الأساس النظامي للحماية في السعودية.

تستند حماية العلامة التجارية في المملكة العربية السعودية إلى نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) وتاريخ 28/5/1423هـ ولائحته التنفيذية، الذي يهدف إلى تنظيم تسجيل العلامات وحمايتها من التقليد والتعدي. وينص النظام على حقوق صاحب العلامة في الاستخدام الحصري والتصرف فيها ويكفل له حق الاعتراض على أي تسجيل مشابه قد يؤدي إلى الالتباس أو الخلط بين العلامات. كما يربط النظام حماية العلامة التجارية بالالتزام بالشروط الجوهرية مثل التمييز وعدم مخالفة النظام العام أو الآداب العامة، ويمنح الهيئة السعودية للملكية الفكرية صلاحيات الرقابة والفحص والمراجعة بما يحقق التوازن بين حماية حقوق صاحب العلامة وضمان حرية المنافس. هذا الإطار القانوني يشكل الأساس الذي تقوم عليه كافة الإجراءات الوقائية والتطبيقية لضمان حماية العلامات التجارية في المملكة.

  1. شروط الحماية النظامية.

لكي تحظى العلامة التجارية بالحماية القانونية في المملكة العربية السعودية، اشترط النظام السعودي توافر ثلاثة شروط أساسية:

  • التميز: يجب أن تتميز العلامة عن غيرها من العلامات المسجلة أو المستخدمة، بحيث يمكن للمستهلك التفريق بين السلع أو الخدمات المختلفة دون لبس. مثال: شركة ترغب في تسجيل علامة (….) لمنتجات العناية، وهذه العلامة مبتكرة ولا تتضمن وصفاً مباشراً لطبيعة السلع وتمكن المستهلك من تمييزها عن غيرها، مما يحقق شرط التميز.
  • الجدة: ينبغي ألا تكون العلامة مشابهة أو متطابقة مع علامة مسجلة سابقاً لنفس النوع من السلع أو الخدمات، بما يضمن تفادي الالتباس أو الاستغلال غير المشروع للسمعة التجارية. مثال: التقدم بتسجيل علامة(…) للأجهزة الإلكترونية، وبعد الفحص لدى الهيئة السعودية للملكية الفكرية تبين عدم وجود علامة مشابهة أو مطابقة ضمن الفئة ذاتها فيتحقق شرط الجدة.
  • المشروعية: أن تكون متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية كما ألا يجوز تسجيل أو حماية العلامات التي تخالف النظام العام أو الآداب العامة، أو التي تتضمن رموزاً مسيئة أو مضللة، لضمان توافق الحماية القانونية مع القيم والمبادئ الاجتماعية والاقتصادية السائدة. مثال: رفض تسجيل علامة تتضمن شعاراً مشابهاً لشعار جهة حكومية أو تتضمن لفظاً يوحي بصفة رسمية، كون ذلك يخالف النظام العام والضوابط النظامية وبالتالي لا تتحقق المشروعية.

تجمع هذه الشروط بين حماية مصالح صاحب العلامة التجارية وضمان حقوق المنافسين والمستهلكين، وتعد أساساً لتطبيق إجراءات التسجيل والفحص التي تنظمها الهيئة السعودية للملكية الفكرية.

نصت المادة (1) من نظام العلامات التجارية، على أنه تعد علامة تجارية في تطبيق أحكام هذا النظام الأسماء المتخذة شكلا مميزا أو الإمضاءات أو الكلمات أو الحروف أو الأرقام أو الرسوم أو الرموز أو الأختام أو النقوش البارزة، أو أي إشارة أخرى أو أي مجموع منها تكون قابلة للإدراك بالنظر وصالحة لتمييز منتجات صناعية أو تجارية أو حرفية أو زراعية أو مشروع استغلال للغابات أو ثروة طبيعية، أو للدلالة على أن الشيء المراد وضع العلامة عليه يعود لمالك العلامة بداعي صنعه أو انتقائه أو اختراعه أو الاتجار به، أو للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات.

نصت المادة (2/ب/ج) من نظام العلامات التجارية، على أنه:

  1. كل تعبير أو إشارة أو رسم مخل بالدين أو يكون مطابقا أو مماثلا لرمز ذي صبغة دينية.
  2. كل تعبير أو إشارة أو رسم مخالف للنظام العام أو الآداب العامة.
  3. العلامات غير القابلة للتسجيل ومبررات الرفض النظامي:

ينص نظام العلامات التجارية السعودي على استبعاد العلامات التي تفتقر إلى التميز، أو تتشابه مع علامات مسجلة مسبقاً بدرجة تسبب لبساً، أو تخالف النظام العام والآداب، أو تكون مضللة بشأن مصدر أو خصائص السلع والخدمات بحيث لا تميز منتجات منشأة عن أخرى. وتشكل هذه المعايير أساساً لضمان حماية المستهلكين وترسيخ المنافسة المشروعة في السوق السعودي. أمثلة على ذلك:

  • علامة مضللة أو مخادعة التسجيل بأن العلامة “Organic 100%” لمنتج غذائي غير عضوي، سبب الرفض أن النظام يمنع تسجيل العلامات التي من شأنها تضليل المستهلك.
  • علامة مشابهة أو مطابقة لعلامة مسجلة محاولة تسجيل علامة (….) للمقاهي، ولكن وجود تشابه يؤدي إلى اللبس مع علامة (….) المسجلة، سبب الرفض بأنه يسبب انتهاك لحقوق صاحب العلامة الأصلية وأيضاً تضليلاً للمستهلك.
  • علامة مخالفة للنظام العام أو الآداب استخدام ألفاظ أو صور مخالفة للقيم العامة، سبب الرفض أن النظام يحظر تسجيل أي علامة تحتوي على ما يخالف الآداب العامة أو الشريعة.
  • علامة تتضمن رموزاً رسمية مثل علامة تجارية تحمل شعار وزارة الداخلية أو علم المملكة، ويكون سبب الرفض عليها ان النظام يمنع تسجيل أي علامة تتضمن شعارات الدولة أو رموزها أو ما يشابهها، لأنها مخصصة للجهات الرسمية ولا يجوز استخدامها لأغراض تجارية.

الفصل الثاني: المعايير الوقائية في تسجيل العلامة التجارية

  1. اختيار العلامة وفق معايير قانونية تمنع التشابه والتضليل.

يُعد اختيار العلامة التجارية وفق معايير قانونية دقيقة من أهم وسائل الوقاية التي يعتمدها النظام السعودي، إذ يهدف إلى ضمان تميز العلامة ومنع وقوع التشابه أو التضليل بين السلع والخدمات. ويشترط أن تكون العلامة مميزة وخالية من أي عناصر قد تحدث لبساً لدى الجمهور أو تضلله بشأن طبيعة المنتج أو مصدره، وفقاً لما نص عليه نظام العلامات التجارية ولائحته التنفيذية. وبذلك يسهم الاختيار السليم للعلامة في حماية حقوق أصحابها وتعزيز الثقة في العلامات التجارية.

  1. الفحص المبدئي قبل الإيداع كوسيلة وقاية من النزاع.

يُعد الفحص المبدئي للعلامة التجارية قبل إيداع طلب التسجيل من أهم الوسائل الوقائية في النظام السعودي، إذ يهدف إلى التأكد من سلامة العلامة ومدى قابليتها للتسجيل دون تعارض مع علامات سابقة أو مخالفة لأحكا النظام. وتتولى الهيئة السعودية للملكية الفكرية إجراء هذا الفحص للتحقق من خلو العلامة من عناصر مضللة أو مخالفة للنظام العام بما يساهم في الحد من النزاعات المستقبلية وتحقيق استقرار المعاملات التجارية.

  1. أهمية التسجيل المبكر ومتابعة النشر والاعتراضات.

يُعد التسجيل المبكر للعلامة التجارية من أهم الوسائل الوقائية التي تكفل لصاحبها أولوية الحماية القانونية ومنع الغير من استغلالها. كما أن متابعة مراحل النشر بعد قبول الطلب ضرورية لرصد أي اعتراضات محتملة قد تقدم من أصحاب الحقوق سابقة. ويسهم هذا الاجراء في تعزيز استقرار المركز القانوني لصاحب العلامة، وضمان سلامة إجراءات التسجيل بما يتوافق مع أحكام النظام السعودي ولائحته التنفيذية.

  1. دور الاستشارات القانونية في تجنب رفض الطلب أو التعارض مع علامات سابقة.

تلعب الاستشارات القانونية المتخصصة دوراً محوراً في مرحلة ما قبل إيداع طلب تسجيل العلامة التجارية، إذ تساعد طالب التسجيل على تقييم مدى تميز علامته والتأكد من خلوها من أي تشابه مع علامات مسجلة أو مشهورة. كما تسهم هذه الاستشارات في إعداد الطلب وفق المتطلبات النظامية مما يقلل من احتمالية رفضه أو الطعن فيه لاحقاً. وبذلك تعد الاستشارة القانونية أداة وقائية فاعلة لحماية حقوق التاجر وضمان توافق العلامة مع أحكام النظام السعودي واللائحة التنفيذية.

الفصل الثالث: إجراءات التسجيل والحماية النظامية

  1. مراحل التسجيل لدى الهيئة السعودية للملكية الفكرية.
  1. الدخول إلى الموقع الرسمي للهيئة السعودية للملكية الفكرية (SAIP) هي الجهة المسؤولة عن إدارة تسجيل العلامات التجارية.
  2. الدخول إلى بوابة العلامات التجارية.
  3. الانتقال إلى منصة الخدمة من خلال النفاذ الوطني الموحد / البريد الإلكتروني.
  4. طلب تسجيل علامة جديدة (كمالك أو كصاحب شأن أو كمالك للمؤسسة أو كشركة).
  5. تعبئة البيانات.
  6. يتم إصدار فاتورة لدراسة العلامة، وفي حال سدادها يتم استقبال الطلب ودراسته.
  7. بعد الدراسة يتم اتخاذ أحد القرارات التالية:
  • القبول بشرط التعديل (مهلة التعديل 90 يوما)، وفي حال لم يقم مقدم الطلب بالتعديل المطلوب خلال 90 يوما يتحول الطلب إلى متنازل عنه.
  • قبول الطلب في حال كان الطلب مكتملًا ولا يحتاج إلى تعديل.
  • رفض الطلب في حال عدم توافق الشروط المطلوبة أو مخالفة النظام.
  1. في حال قبول العلامة التجارية يتم إصدار فاتورة النشر ومن ثم الانتقال إلى مرحلة النشر بعد سداد الرسوم المستحقة من قبل مقدم الطلب. ورسوم الخدمة 1000 ريال سعودي.
  2. النشر (مدة النشر 60 يومًا).
  1. بعد انتهاء مرحلة النشر دون أي اعتراض مقدم يتعين على العميل سداد الفاتورة النهائية خلال 30 يوما من إصدارها، ومن ثم طباعة الشهادة عن طريق النظام.
  2. أثر التسجيل على اكتساب الحق الحصري في الاستخدام.

يترتب على تسجيل العلامة التجارية وفقاً للنظام السعودي اكتساب صاحبها حقاً حصرياً في استخدامها وتمييز السلع أو الخدمات التي خصصت لها. ويُعد التسجيل سنداً قانونياً يمكن مالك العلامة من منع الغير من استعمالها أو تقليدها دون إذن، بما يحفظ له مركزاً قانونياً ثاباً في السوق. كما يُعد التسجيل قرينة على ملكية العلامة، ولا يجوز الطعن فيها إلا عبر الإجراءات النظامية المقررة، مما يمنح صاحبها حماية قوية ويعزز مبدأ الأولوية والاحتكار المشروع للاستخدام.

  1. مدة الحماية والتجديد والإجراءات الوقائية لحماية الحقوق بعد التسجيل.

يمنح النظام السعودي للعلامة التجارية المسجلة حماية لمدة عشر سنوات تبدأ من تاريخ التسجيل، ويجوز لصاحبها تجديد هذه المدة لفترات مماثلة دون حد أقصى بشرط تقديم طلب التجديد خلال المدة النظامية وسداد الرسوم المقررة. ويُعد التجديد إجراءً ضرورياً لاستمرار الحق الحصري في استعمال العلامة ومنع سقوطها أو فقدان حمايتها. كما يلتزم مالك العلامة باتخاذ عدة إجراءات وقائية بعد التسجيل مثل مراقبة السوق، ومتابعة النشر الدوري للعلامات الجديدة، وتقديم الاعتراضات عند الحاجة، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية فور حدوث أي تعد على حقوقه. وبذلك يسهم كل من التجديد والمتابعة المستمرة في تعزيز استقرار الملكية وضمان استمرار الحماية القانونية للعلامة في مواجهة أي اعتداءات محتملة.

نصت المادة (23) من نظام العلامات التجارية، على أنه لمالك العلامة التجارية أن يقدم طلبا لتجديد تسجيلها خلال السنة الأخيرة من مدة حمايتها ولمدة ستة أشهر تالية لها، وذلك بالشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذا النظام ولائحته التنفيذية.

  1. العقوبات النظامية المقررة عند التعدي على العلامة المسجلة.

فرض النظام السعودي للعلامات التجارية عقوبات صارمة لحماية العلامة المسجلة من أي تعدٍأو تقليد، حيث يُعد استعمال علامة مطابقة أو مشابهة دون أذن من مالكها مخالفة تستوجب المساءلة وتشمل العقوبات غرامات مالية، والسجن في الحالات الجسيمة بالإضافة إلى مصادرة المنتجات المخالفة وإتلافها، وإلزام المتعدي بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بصاحب العلامة. وتهدف هذه العقوبات إلى حماية الحقوق التجارية، وتعزيز الثقة في السوق، وضمان احترام الملكية الفكرية وفق أحكام النظام السعودي. 

نصت المادة (43) من نظام العلامات التجارية، على أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف ريال ولا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين:

  1. كل من زور علامة مسجلة أو قلدها بطريقة تتسبب في تضليل الجمهور، وكل من استعمل بسوء القصد علامة مزورة أو مقلدة.
  2. كل من وضع بسوء القصد على منتجاته أو استعمل فيما يتعلق بخدماته علامة مملوكة لغيره.
  1. كل من عرض أو طرح للبيع أو باع أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة أو مستعملة بغير وجه حق مع علمه بذلك، وكذلك كل من عرض خدمات في ظل مثل هذه العلامة مع علمه بذلك.

الفصل الرابع: التطبيق العملي والجانب الوقائي

  1. صور التعدي الشائعة في السوق السعودي.

تظهر في السوق السعودي عدة صور للتعدي على العلامات التجارية المسجلة، ومن أبرزها:

  • التقليد: ويتمثل في تصنيع أو استخدام علامة مطابقة للعلامة الأصلية بهدف إيهام المستهلك بوجود صلة تجارية، وهو من أكثر صور التعدي انتشاراً. مثال: أن يقوم بتقليد متجر عطور تحمل علامة مطابقة تماماً لعلامة مسجله من دون إذن مالك العلامة، مع تقليد الشكل والتعبئة لإيهام المستهلك بأنها منتجات أصلية..
  • التشابه: ويقع عندما يستخدم المعتدي علامة مشابهة إلى درجة اللبس ويؤدي إلى تضليل الجمهور بشأن مصدر السلعة أو الخدمة حتى وإن لم تكن مطابقة تماماً. مثال: يستخدم اسم علامة سابقة لكن ببيع سلع مختلفة. مثل: استخدام علامة باسم (….) على الملابس، وهي قريبة بشكل ملتبس من العلامة المشهورة (….) من حيث النطق وطريقة الكتابة، مما يؤدي إلى تضليل المستهلك رغم عدم التطابق الكامل.
  • التسجيل الاحتيالي: ويتجسد في محاولة تسجيل علامة مشابهة أو مطابقة بقصد استغلال شهرة العلامة الأصلية أو منع صاحبها الحقيقي من التسجيل، ويُعد ذلك مخالفة جسيمة يعاقب عليها النظام. مثل: أن يسجل علامة موجودة مسبقاً وذلك لاستغلال العلامة بسبب شهرتها العالمية.
  1. الإجراءات النظامية عند اكتشاف تعدي.

عند اكتشاف تعدٍ على العلامة التجارية المسجلة يتيح النظام السعودي لصاحب العلامة اتباع مجموعة من الإجراءات النظامية لحماية حقه وتشمل ما يلي:

  • الإنذار: توجيه إشعار رسمي للمعتدي يطالبه بالتوقف عن استخدام العلامة فوراً مع بيان الأساس النظامي للملكية. ويُعد الإنذار خطوة أولى تهدف إلى حل النزاع ودياً دون اللجوء للقضاء.
  • الشكوى: تقديم شكوى إلى الهيئة السعودية للملكية الفكرية أو الجهات الرقابية المختصة لطلب اتخاذ إجراءات نظامية ضد المعتدي مثل ضبط المنتجات المخالفة أو إحالتها للجهات المختصة.
  • الدعوى: رفع دعوى أمام المحكمة المختصة للمطالبة بوقف المعتدي وإتلاف المنتجات المقلدة والتعويض عن الأضرار مع إمكانية طلب تطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام العلامات التجارية.
  1. أمثلة تطبيقية من أحكام القضاء التجاري السعودي.
  2. المدعى عليه يملك العلامة التجارية(…)المقيدة وأنها مطابقة لعلامة موكلته التجارية(…)، مما قد يتسبب في تضليل الجمهور والانتشار على حساب موكلته حيث قامت المدعى عليها دون تغيير أي من عنصرها وقامت بتسجيلها حتى تتمكن من الاستفادة من شهرة علامة موكلته التجارية (…)

 والتي تعد من العلامات الشائعة الشهرة وتمتلك بالفعل تسجيل للعلامة داخل المملكة العربية السعودية، وأنه تقدم بهذه الدعوى بناءً على ما نصت عليه المادة (٢٣) من نظام العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أنه (يكون للجهة المختصة ولكل ذي شأن اللجوء إلى المحكمة بطلب الحكم بشطب العلامة التجارية التي تكون قد سجلت بغير وجه حق وتقوم الجهة المختصة بشطب التسجيل متى قدم لها حكم نهائي بذلك)، وانتهى إلى طلب الحكم بشطب علامة المدعى عليه للعلامة التجارية المساندة بحروف عربية ولاتينية المقيدة. وفي الجلسة أشارت الدائرة إلى عدم حضور المدعى عليه أو من يمثله ثم عقب وكيل المدعية بطلب التنازل عن الدعوى إذ انتقلت ملكية العلامة للمدعية صلحاً وبتهيؤ الدعوى للفصل فيها أصدرت الدائرة حكمها مؤسساً على ما يلي: الأسباب: ومن حيث طلبت المدعية الحكم بشطب العلامة التجارية (…) المسجلة والمملوكة للمدعى عليه وفق تفصيل الدعوى بالتالي فإن الفصل في ذلك مما ينبسط عليه اختصاص المحكمة التجارية وفق ما نصت عليه الفقرة (٦) من المادة السادسة عشرة من نظام المحاكم التجارية وبما أن المدعي وكالة قرر أنه متنازل عن الدعوى المقامة من موكلته ضد المدعى عليه إذ انتقلت ملكية العلامة للمدعية صلحاً، وأنه بموجب الوكالة التي تخول وكيل المدعية حق التنازل فإن الدائرة تنتهي إلى إثباته. نص الحكم: حكمت الدائرة: بإثبات تنازل شركة (…)المحدودة سجل تجاري رقم (…) عن الدعوى رقم (٤٥٧٠٢٦٧٣٧٨) المقامة منها ضد (…) هوية وطنية رقم (…)؛ لما هو موضح بالأسباب.

  1. ذكر المدعي العام وفي مرافعته أنه بالاطلاع على الأوراق الواردة من الهيئة السعودية للملكية الفكرية بخطابهم تم الوقوف من قبل جهة الضبط على المؤسسة محل الدعوى وقد نتج عن ذلك ضبط (نظارات مقلدة)، وقد جرى أخذ عينة من البضاعة محل الدعوى حيث جرى عرضها على لجنة دراسة شكاوى العلامات التجارية والتي أصدرت تقريرها بأن تلك المنتجات تحمل علامة تجارية مقلدة للعلامة التجارية المملوكة للشركة المدعية بما يثبت مخالفة المتهم المذكور لقانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وتم الاكتفاء بأقوال المدعى عليها الأولية المدونة بمحضر سماع الأقوال وبسماع أقوال مالكة المؤسسة أفادت بأنه قد تم شراؤها من السوق المحلي ولم تكن تعلم بأنها مقلدة. وقد خلص التحقيق بتوجيه الاتهام لـلمؤسسة (…) ممثلة بمديرها ( المدعى عليها ) بحيازة وعرض وبيع منتجات تحمل علامة التجارية مقلدة بغير وجه حق، وانتهى إلى طلب الحكم بإثبات إدانتها بما أسند إليها والحكم عليها بما يلي: أولاً: الحكم بما ورد بالفقرة (ب) من المادة (٤٢) من قانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي ثانياً: الحكم بما ورد بالفقرة (٤) من المادة (٤١) من ذات النظام، وبعرضها على المدعى عليها أجابت بنعم صحيح وكانت تشتريها من مندوب بالسوق وبتهيؤ الدعوى للفصل فيها أصدرت الدائرة حكمها مؤسساً على ما يلي: الأسباب: ومن حيث طلبت النيابة العامة الحكم بإدانة (المدعى عليها) بحيازة وعرض وبيع منتجات تحمل علامة التجارية مقلدة بغير وجه حق ومعاقبتها عن ذلك وكذلك إتلاف السلع التي تحمل العلامة المقلدة، بالتالي فإن الفصل في ذلك مما ينبسط عليه اختصاص المحكمة التجارية وفق ما نصت عليه الفقرة (6) من المادة السادسة عشرة من نظام المحاكم التجارية. ولما كانت مشروعية توظيف العلامة التجارية في سياق العمل التجاري رهينة ملكيتها أو التمتع بحق استعمالها أو استغلالها وفقاً لأحكام النظام وإلا كان ذلك التوظيف منحسراً دون حياض المشروعية متلبساً بمخالفة النظام، وحماية النظام لتلك المشروعية ذرعت بمناط حماية المستهلك بذات الوقت الذي ذرعت فيه أيضاً بحماية مالك العلامة أو صاحب حق استعمالها أو استغلالها وكلاهما دائران بين عنصري التضليل والإثراء فمقلد العلامة التجارية المتمتعة بالحماية 

إنما يستهدف تضليل جمهور مستهلكيها بغية الإثراء على حساب مالكها أو المتمتع بحق استعمالها أو استغلالها، وما اشتمل النظام على أحكام تلك المخالفات وعقوباتها إلا رعايةً لتلك المشروعية وتعزيزاً لممكنات حمايتها، وحيث أقرت (المدعى عليها) بصحة الدعوى وكانت تشتريها من مندوب بالسوق، نص الحكم: حكمت الدائرة: بإدانة (المدعى عليها) سجل مدني رقم (…) صاحبة مؤسسة للنظارات سجل تجاري رقم (…) ببيع وعرض وحيازة منتجات تحمل علامة تجارية مقلدة ومعاقبته عن ذلك بتغريمه مبلغاً قدره (1000) ألف ريال ومصادرة المضبوطات محل الدعوى وإتلافها.

  1. توصيات وقائية لأصحاب العلامات التجارية والمستشارين القانونيين.

لضمان حماية فعالة للعلامات التجارية وتقليل المخاطر النظامية والنزاعات. يُنصح بالآتي: 

  • إجراء بحث شامل قبل اختيار العلامة للتأكد من عدم وجود علامات متشابهة أو مسجلة سابقاً، قد تسبب تعارضاً أو رفضاً مستقبلياً.
  • الاستعانة باستشارات قانونية متخصصة عند إعداد طلب التسجيل، لضمان استيفاء الشروط النظامية وتحقيق أعلى مستوى من الحماية.
  • متابعة إجراءات النشر والاعتراضات بعد تقديم الطلب، واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال ظهور تعارض أو اعتراض من الغير.
  • مراقبة السوق بشكل مستمر لرصد أي حالات تعداً أو تقليد، والتدخل مبكراً قبل تفاقم الضرر.
  • استخدام العلامة بشكل فعال ومعلن للحفاظ على جدية الاستعمال ومنع سقوط الحماية بسبب عدم الاستخدام.
  • مبادرة صاحب العلامة إلى تجديد التسجيل في الوقت المحدد، لضمان استمرار الحق الحصري وعدم فقدانه بسبب انتهاء المدة.
  • اتخاذ إجراءات قانونية فورية عند اكتشاف تعداً مثل الإنذار، وتقديم الشكوى ورفع الشكوى عند الحاجة.

ختاماً، يتبين من خلال هذه الدراسة أن العلامات التجارية تُعد عنصراً رئيسياً في الاقتصاد المحلي والعالمي كما تؤدي دوراً محورياً في حماية حقوق التجار والمستهلكين. لا سيما بأن النظام السعودي للعلامات التجارية يقوم على إطار تشريعي متكامل يهدف إلى حماية العلامة منذ لحظة اختيارها وحتى مراحل ما بعد التسجيل. وقد أظهرت الدراسة أن الالتزام بالمعايير القانونية عند اختيار العلامة يُعد أساساً وقائياً مهماً لتجنب التشابه والتضليل، وأن الفحص المبدئي ومتابعة النشر والاعتراضات تمثيل المصالح القانونية بصورة دقيقة، جميعها خطوات تعزز فرص التسجيل الصحيح وتحد من نشوء النزاعات. كما أوضحت الدراسة أن التسجيل يمنح صاحب العلامة حقاً حصرياً في الاستخدام وأن التعدي عليها يُعد مخالفة جسيمة تستوجب عقوبات نظامية متنوعة، ما يعكس حرص المشرع السعودي على صون الملكية الفكرية وتعزيز الثقة في السوق.

كما أن من أبرز التوصيات الوقائية لتعزيز حماية العلامات التجارية:

  1. إجراء بحث شامل في قاعدة بيانات الهيئة السعودية للملكية الفكرية لتحقق من عدم وجود علامات مشابهة قبل التقديم.
  2. الحرص على التسجيل المبكر فور اعتماد العلامة التجارية لضمان أسبقية الحماية ومنع التسجيل الاحتيالي من الغير.
  3. متابعة نشر العلامة خلال فترة الاعتراض واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال ورود أي اعتراضات.
  4. تجديد التسجيل في المواعيد النظامية لتجنب سقوط الحماية أو حاجة صاحب العلامة لإعادة التسجيل.
  5. مراقبة السوق دورياً لاكتشاف أي تجاوزات أو استعمال غير مشروع للعلامة في وقت مبكر.
  6. الاستعانة بمستشارين قانونيين متخصصين منذ مرحلة التصميم، وحتى التسجيل، لضمان توافق العلامة مع الشروط النظامية وتجنب الرفض أو النزاع.
  7. اتخاذ إجراءات سريعة عند وقوع التعديل مثل إرسال الإنذار، ثم تقديم الشكوى للجهات المختصة، وصولاً إلى رفع الدعوى عند الضرورة.

المراجع

  • نظام العلامات التجارية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) وتاريخ 28/5/1423هـ.
  • الهيئة السعودية للملكية الفكرية، (2025).
https://www.saip.gov.sa/#
  • وزارة العدل، (2025).
https://laws.moj.gov.sa/ar
  • الهيئة السعودية للملكية الفكرية، الدليل الاسترشادي للعلامات التجارية، (2024).
  • المقحهم، محمد بن فهد، جمعية قضاء، معايير حماية العلامة التجارية وإجراءات تسجيلها، (2025).
https://qadha.org.sa/ar
  • وزارة العدل، المحكمة التجارية القضية رقم (4570267378)، (1445) هـ.
https://laws.moj.gov.sa/ar/JudicialDecisionsList/1/wMVYpiEwf1urGsGYXQeYfsIyVVA4A6MQDYsrKvyjC02QwHXT2eJcbFgCuRug9Hy5
  • وزارة العدل، المحكمة التجارية القضية رقم (4570359232)، (1445) هـ.
https://laws.moj.gov.sa/ar/JudicialDecisionsList/1/DAS_FgMd1pfjCPeQprGNWkYoelnJmY6e0Hma3aC3Wnz4vt5-LddwG6ghIZGz8YrM

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *