المسؤولية القانونية عن النشر الصوتي (البودكاست) ومتطلبات الترخيص
المقدمة
شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة انتشاراً متسارعاً لوسائل النشر الرقمي، وفي مقدمتها المحتوى الصوتي المعروف ب “البودكاست” الذي أصبح أحد أهم المنصات الحديثة للتعبير وتبادل المعرفة وإنتاج المحتوى. وقد ساهمت البيئة الرقمية المتطورة في المملكة وارتفاع معدلات استخدام الهواتف الذكية والإنترنت، في خلق مجتمع متفاعل مع هذا النوع من المحتوى، مما جعل “البودكاست” يحظى بجمهور واسع من مختلف الفئات العمرية. كما دفع الدعم الحكومي المستمر لقطاع الإعلام والاقتصاد الرقمي إلى تعزيز حضور البودكاست كوسيلة إعلامية مؤثرة تستخدم في التعليم والتثقيف والترفيه ونقل وجهات النظر، الأمر الذي أوجد حاجة ملحة لتنظيمه قانونياً وضبط مسؤوليات منتجيه ومقدميه بما يحقق التوازن بين حرية النشر ومتطلبات النظام العام.
تبرز أهمية تنظيم المحتوى الصوتي ” البودكاست” في المملكة من خلال الدور المتصاعد الذي يلعبه في تشكيل الوعي العام وصناعة المعرفة وما يرتبط بذلك من آثار اجتماعية وثقافية واقتصادية. مع توسع إنتاج هذا النوع من المحتوى وتنامي تأثيره في الرأي العام أصبح من الضروري وضع إطار قانوني يحدد مسؤوليات المنتجين والمقدمين والمنصات، ويضمن حماية المستمعين من المخالفات مثل نشر المعلومات المضللة أو انتهاك الخصوصية أو التعرض للأفراد والجهات بعبارات مسيئة. كما يسهم التنظيم في تعزيز الموثوقية المهنية للمحتوى وضمان التزامه بالقيم والضوابط الشرعية والنظامية، إضافة إلى دعم البيئة الاستثمارية للإعلام الرقمي من خلال وجود قواعد واضحة للترخيص والمساءلة.
وعلى الرغم من هذا التطور إلا أن تحديد المسؤولية القانونية لمنتجي البودكاست ومقدميه ما زال يثير العديد من الإشكالات العملية. أن “البودكاست” يُعد مجالاً مفتوحاً يسمح للأفراد والجهات بإنتاج محتوى يصل إلى جمهور واسع دون رقابة مسبقة. مما يطرح تساؤلات حول حدود مسؤولية المنتج أو المقدم عند نشر محتوى مخالف، مثل التشهير أو انتهاك الخصوصية أو تداول معلومات غير صحيحة أو محتوى يخالف الأنظمة والآداب العامة، وتتمثل مشكلة البحث في غياب وضوح كافٍ لدى الكثير من صناع المحتوى حول الإطار النظامي الواجب الالتزام به، إضافة إلى التداخل بين المسؤولية الشخصية والمسؤولية المهنية ومسؤولية المنصات المستضيفة. يهدف البحث إلى بيان الإطار النظامي المنظم “للبودكاست” في المملكة، وتحديد مسؤوليات منتجيه ومقدميه وتحليل الضوابط النظامية المرتبطة به واقتراح توصيات تعزز الامتثال وجودة المحتوى. ويعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي لدراسة الأنظمة ذات الصلة.
الفصل الأول: الإطار المفاهيمي والتنظيمي للبودكاست
المبحث الأول: ماهية البودكاست وطبيعته القانونية
- تعريف البودكاست وأنواعه.
البودكاست هو محتوى (صوتي أو مرئي) متسلسل يتم نشره عبر الإنترنت ويتيح للمستمعين الاستماع إليه في أي وقت. أما أنواعه فيمكن تصنيفها حسب الشكل (صوتي أو مرئي) أو حسب طريقة التقديم (مثل الحواري، الاستقصائي، أو المقابلة) أو حسب طريقة التفاعل مع المستمعين.
بدأ البودكاست في أواخر العام (2004)، وأول من أطلق التسمية “بودكاست” على هذه التقنية هو الصحفي البريطاني (بن هامرسلي)، وذكر أنه يوجد الآن أكثر من 550 ألفاً من البودكاست النشط على الإنترنت، وهو في نمو سريع حيث يمتد لأكثر من 100 لغة مختلفة من جميع أنحاء العالم. إن مزايا استخدام البودكاست عديدة أهمها سهولة الاستخدام حيث يمكن سماعه أثناء التحرك أو قيادة السيارة أو عند القيام بأي عمل روتيني لا يحتاج إلى تركيز. بالنسبة لمستمعي البودكاست يعتبر هو إحدى الطرق المجانية للاستمتاع بمحتوى هائل من أنحاء العالم كافة، وبالنسبة لناشري البودكاست يعتبر طريقة رائعة للوصول إلى جمهور أكبر.
- البودكاست كوسيلة إعلامية رقمية.
يُعد “البودكاست” أحد أبرز أشكال الإعلام الرقمي الحديثة، وهو محتوى صوتي يتم إنتاجه ونشره عبر المنصات الإلكترونية بحيث يمكن للمستمعين الوصول أليه عند الطلب، وتمتاز هذه الوسيلة بمرونتها للبث الإذاعي، إذ تتيح للأفراد والجهات إنتاج محتوى مستقل يصل إلى جمهور واسع دون الحاجة إلى بنية تحتية إعلامية كبيرة. كما يُعد البودكاست مساحة مفتوحة للتعبير وتقديم الآراء والأفكار والموضوعات المتخصصة، مما عزز دوره في صناعة المعرفة ورفع مستوى الوعي المجتمعي، وقد أدى ذلك إلى اعتباره من صور الإعلام الحديث التي تتطلب تنظيماً قانونياً يحكم ممارستها، ويحدد مسؤوليات منتجيها ومقدميها خصوصاً مع سهولة انتشاره وتأثيره المباشر على المتلقين.
- الفرق بين البودكاست والمحتوى المرئي والمكتوب.
يختلف “البودكاست” عن غيره من أشكال المحتوى الرقمي من حيث الطبيعة والوسيلة وطريقة التأثير في المتلقي. فالمحتوى الصوتي يتميز بأنه يعتمد على الصوت فقط دون عناصر مرئية، مما يمنح المستمع مساحة أكبر للتخيل ويجعله محتوى يسهل استهلاكه أثناء الانشغال بالأنشطة اليومية مثل القيادة أو العمل. بينما يعتمد المحتوى المرئي على الصوت والصورة معاً مما يجعله أكثر تكاملاً من حيث العرض والشرح، لكنه يحتاج إلى تركيز بصري يتطلب تجهيزات إنتاجية أعلى. أما المحتوى المكتوب فيتخذ شكل مقالات أو تدوينات أو نصوص منشورة ويعتمد على مهارة القراءة ويتطلب من المتلقي وقتاً مخصصاً للتصفح والاستيعاب.
ومن الناحية التنظيمية تختلف درجة الرقابة وحدود التنظيم بحسب الوسيلة فالمحتوى المرئي غالباً يخضع لضوابط أشد نظراً لتأثير الصورة وانتشارها السريع، بينما يتمتع المحتوى المكتوب والصوتي بقدر أكبر من المرونة مع استمرار خضوعها جميعاً للضوابط المتعلقة بالتشهير والخصوصية والمعلومات المضللة والالتزام بالقيم العامة ويترتب على هذه الفرق اختلاف في طبيعة المسؤولية القانونية التي قد يتحملها صانع المحتوى بحسب نوع الوسيلة المستخدمة.
المبحث الثاني: الإطار النظامي المنظم للبودكاست في المملكة العربية السعودية
- نظام الإعلام المرئي والمسموع.
يخضع المحتوى الصوتي في المملكة العربية السعودية بما في ذلك ” البودكاست” بالإشراف من الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بوصفها الجهة المختصة بتنظيم ومراقبة الأنشطة الإعلامية الرقمية.
وقد جاء نظام الإعلام المرئي والمسموع ولائحته التنفيذية ليضع إطاراً قانونياً شاملاً يحكم إنتاج المحتوى ونشره عبر منصات الإلكترونية، ويشمل ذلك المحتوى السمعي” المسموع فقط” الذي يندرج ضمن الخدمات الإعلامية الخاضعة للرقابة. وبموجب النظام تلزم الجهات والأفراد الذين يقدمون خدمات إعلامية سواء كانت مرئية أو سمعية بالالتزام بالمعايير المهنية والقيم العامة وعدم نشر أي محتوى يحمل إساءة أو تضليلاً أو انتهاكاً للخصوصية أو يخالف الأنظمة والتعليمات. كما يتيح النظام للهيئة إصدار تراخيص خاصة لبعض الأنشطة الإعلامية، ويشمل ذلك خدمات البث السمعي عن ممارستها بشكل احترافي أو تجاري، مع مراعاة القواعد المتعلقة بحماية المجتمع والالتزام بضوابط المحتوى وتحديد المسؤولية القانونية عن أي مخالفة. ويُعد هذا الإطار النظامي أساساً مهماً لضبط ممارسات النشر الصوتي في المملكة، وضمان توافق البودكاست مع السياسات الإعلامية الوطنية وحماية المستمعين من أي محتوى ضار أو مخالف.
نصت المادة (2) من نظام الإعلام المرئي والمسموع، على أنه يهدف النظام إلى تنظيم نشاط الإعلام المرئي والمسموع داخل المملكة، وتطويره، والعمل على توفير البيئة الاستثمارية الملائمة له، والعمل على أن يكون محتواه متسقاً والسياسة الإعلامية للمملكة.
- لائحة المحتوى الرقمي.
تعد لائحة المحتوى الرقمي الصادرة عن الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع إطاراً تنظيمياً يهدف إلى ضبط المحتوى المنشور عبر المنصات الرقمية، بما في ذلك “البودكاست”. وتضع اللائحة معايير واضحة للمحتوى المسموح، مثل الالتزام بالقيم الدينية والاجتماعية، وعدم نشر ما يخالف النظام العام أو ينتهك الخصوصية أو يحرض على الكراهية أو يروج للمعلومات المضللة. وتلزم اللائحة مقدمي المحتوى بالحصول على التراخيص اللازمة عند ممارسة النشاط بشكل تجاري، والامتثال لضوابط الإعلانات وحفظ حقوق الملكية الفكرية، إضافة إلى تحديد المسؤولية النظامية عن ارتكاب أي مخالفة. وبذلك تشكل اللائحة أداة أساسية لتنظيم البودكاست وضمان توافقه مع السياسات الإعلامية السعودية.
- متطلبات الترخيص للبودكاست والجهات المختصة.
إن ترخيص البودكاست يتطلب عادةً تقديم طلب إلى الجهة المختصة في السعودية هي (الهيئة العامة لتنظيم الإعلام)، بالإضافة إلى استيفاء شروط مثل وجود سجل تجاري وتقديم إثباتات كفاءة. تشمل المتطلبات الرئيسية إثبات ملكية النطاق، ووجود سجل تجاري ينص على النشاط الإعلامي، وإثبات ممارسة النشاط، وأن يكون لدى طالب الترخيص عنوان وطني وهوية سارية.
المتطلبات الرئيسية:
- الهوية والسجل: أن تكون هوية مقدم الطلب سارية المفعول وأن يكون لديه سجل تجاري يتضمن النشاط الإعلامي المطلوب.
- العنوان الوطني: يجب أن يكون لدى طالب الترخيص عنوان وطني محدد.
- إثبات ممارسة النشاط: إثبات فعلي لممارسة النشاط الإعلامي.
- إثبات الكفاءة: تقديم ما يثبت كفاءة مقدم الطلب في إدارة النشاط، وتحديدًا عند طلب ترخيص إنتاج المحتوى الإعلامي.
- الالتزام بالضوابط: الالتزام بالشروط والضوابط الخاصة بترخيص إنتاج المحتوى الإعلامي.
- الاستوديو (إذا لزم الأمر): إذا كنت تخطط لتشغيل استوديو إعلامي، ستحتاج إلى ترخيص تشغيل استوديو إنتاج
نصت المادة (3) من نظام الإعلام المرئي والمسموع، على أنه يجب قبل ممارسة أي نشاط من أنشطة الإعلام المرئي والمسموع الحصول على ترخيص بذلك، وفقاً لما ورد في النظام، وما تحدده اللائحة.
- مدى خضوع البودكاست لضوابط النشر الإلكتروني.
يُعد “البودكاست” أحد الأشكال المحتوى الرقمي، ولذلك فهو يخضع لضوابط النشر الإلكتروني المعمول بها في السعودية سواء من خلال نظام الإعلام المرئي والمسموع أو لائحة المحتوى الرقمي. وتشمل هذه الضوابط الالتزام بعدم نشر محتوى يخالف القيم الدينية والاجتماعية، أو يمس الأمن الوطني، أو ينتهك الخصوصية، أو يتضمن معلومات مضللة، أو إساءة للغير. كما تفرض الأنظمة مسؤولية مباشرة على منتجي المحتوى ومقدميه عن كل ما ينشر عبر المنصات الرقمية، بما في ذلك البودكاست خصوصاً عند ممارسته بشكل احترافي أو تجاري. وبذلك فإن “البودكاست” رغم كونه محتوى صوتياً يُعامل من حيث التنظيم كأي وسيلة نشر إلكتروني أخرى ويظل خاضعاً لرقابة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع والأنظمة المرتبطة بحماية المجتمع وضبط المحتوى الرقمي.
الفصل الثاني: المتطلبات النظامية لترخيص البودكاست
المبحث الأول: شروط الترخيص وإجراءات الحصول عليه
- الترخيص للأفراد.
يُشترط لإصدار ترخيص إنتاج “البودكاست” للأفراد من قبل الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع ما يلي:
- وجود سجل تجاري للنشاط إذا كان الإنتاج يمارس بشكل تجاري أو يحقق عائداً مالياً.
- الالتزام بضوابط المحتوى والأحكام الواردة في نظام الإعلام المرئي والمسموع ولائحة المحتوى الرقمي.
- تقديم الطلب إلكترونياً عبر المنصة.
- التعهد بالامتثال لتعليمات الهيئة والرقابة اللاحقة على المحتوى.
- الترخيص للمؤسسات.
تلتزم المؤسسات الراغبة في ممارسة نشاط إنتاج البودكاست بالحصول على ترخيص مهني من الهيئة وفق المتطلبات الآتية:
- وجود سجل تجاري ساري يحدد نشاط المؤسسة في مجال الإنتاج الإعلامي أو الخدمات السمعية.
- توافر مقر نظامي وبيئة عمل مهيأة لمزاولة النشاط بشكل احترافي.
- تعيين مسؤول إداري أو نظامي يكون جهة التواصل أمام الهيئة ومسؤولاً عن الالتزام بضوابط المحتوى.
- الالتزام بالمعايير الفنية والإعلامية وحماية الملكية الفكرية وفق ما تقرره الهيئة.
- مدة الترخيص وتجديده.
تمنح الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع ترخيص إنتاج البودكاست لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويتم تجديد الترخيص عند انتهائه عبر منصة إعلام، وذلك بعد استكمال المتطلبات المعتادة. يجب تقديم طلب التجديد بحد أقصى 15 يوماً قبل انتهاء صلاحية الترخيص ويشترط للتجديد عدم وجود مخالفات مؤثرة على ترخيص صاحب البودكاست خلال فترة سريانه، مما يجعل الالتزام بضوابط المحتوى شرطاً ضرورياً لاستمرار الترخيص بصورة نظامية.
- التزامات الجهة المرخصة.
تلتزم الجهة الحاصلة على ترخيص إنتاج البودكاست سواء كانت فرداً أو مؤسسة، بعدد من الواجبات النظامية التي تفرضها الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، وتشمل ما يلي:
- الالتزام بضوابط المحتوى المحددة في نظام الإعلام المرئي والمسموع ولائحة المحتوى الرقمي، والامتناع عن نشر أي مادة مخالفة أو مضللة أو منتهكة للخصوصية.
- الالتزام بالقيم الدينية والاجتماعية وعدم نشر محتوى يسيء للأفراد أو يمس النظام العام.
- الاحتفاظ بسجلات ومعلومات الإنتاج وتمكين الهيئة من الاطلاع عليها عند الطلب.
- الإفصاح عن أي إعلانات أو مواد مدفوعة وفق الضوابط التنظيمية الخاصة بالإعلانات.
- تعيين مسؤول إداري أو نظامي في حال المؤسسات، يكون مسؤولاً أمام الهيئة عن أي التزام أو مخالفة.
- تحديث البيانات والمعلومات الخاصة بالترخيص عند حدوث أي تغيير خلال مدة السريان.
- التعاون مع الهيئة في عمليات المتابعة والرقابة والالتزام بأي تعليمات أو توجيهات إضافية تصدر عنها.
المبحث الثاني: التزامات مقدم البودكاست أثناء ممارسة النشاط
- الإفصاح.
يجب على مقدم البودكاست الإفصاح بوضوح عن أي محتوى مدفوع أو معلن، وبيان طبيعة التعاون أو الرعاية عند وجودها، وذلك لمنع تضليل الجمهور. كما يجب الإفصاح عن أي معلومات جوهرية تؤثر على فهم المحتوى وعدم إخفاء أي بيانات قد تؤثر على مصداقية المادة المنشورة.
- منع التضليل.
يُحظر على مقدم البودكاست نشر أي محتوى مضلل أو غير دقيق أو تقديم معلومات بطريقة قد توهم الجمهور أو تؤثر عليهم بتقديم بيانات غير صحيحة
ويشمل ذلك الامتناع عن ترويج ادعاءات غير موثوقة أو نشر محتوى يهدف لخداع المستمع أو استخدام أساليب توحي بمصداقية وهمية. ويعد تقديم محتوى مضلل أحد أسباب المسؤولية النظامية لمقدمي البودكاست.
- حماية البيانات الشخصية للضيوف والمستمعين.
يلتزم مقدم البودكاست بعدم تسجيل أو نشر أو مشاركة أي بيانات أو معلومات تخص الضيوف إلا بموافقة صريحة منهم، مع اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سرية المعلومات وعدم إساءة استخدامها. ويشمل ذلك احترام رغبة الضيف في عدم نشر أجزاء معنية من الحوار، وضمان عدم كشف معلومات خاصة دون إذن.
- احترام الذوق العام والقيم.
يجب أن يعكس المحتوى المعايير الأخلاقية والقيم المجتمعية في المملكة العربية السعودية، والابتعاد عن الطرح الذي يتضمن إساءة أو ألفاظ غير لائقة أو تحريض أو المساس بالدين. ويُعد الالتزام بالذوق العام شرطاً أساسياً لاستمرار الترخيص وعدم تعرض مقدم البودكاست للمساءلة.
- الضوابط الخاصة بالمحتوى الإعلاني داخل البودكاست.
عند إدراج إعلانات داخل البودكاست يجب الالتزام بضوابط الإعلان المعتمدة ومنها:
- الفصل الواضح بين الإعلان والمحتوى الرئيسي.
- تجنب الترويج لمنتجات محظورة نظاماً.
- منع الإعلانات المضللة أو التي تتضمن ادعاءات غير مثبتة.
- عدم استغلال الجمهور خصوصاً الفئات العمرية الصغيرة.
كما يجب الالتزام بالمدة المناسبة للإعلانات وعدم الإساءة لتجربة المستمع بتضمن إعلانات مبالغ فيها أو غير معلنة.
الفصل الثالث: المسؤولية القانونية عن محتوى البودكاست
المبحث الأول: المسؤولية النظامية لمقدم البودكاست
- المسؤولية عن المحتوى المخالف.
يُعد مقدم البودكاست مسؤولاً عن أي محتوى يخالف الأنظمة والضوابط الإعلامية ومنها:
- نشر معلومات خاطئة أو مضللة.
- مخالفة الذوق العام.
- الترويج لأعمال محظورة.
- استخدام لغة أو طرح يتعارض مع القيم أو النظام العام.
وتترتب على ذلك جزاءات قد تشمل الإنذار، أو الغرامة، أو تعليق الترخيص، أو إلغاؤه عند تكرار المخالفات أو جسامتها، ويشمل ذلك المسؤولية حتى لو كانت المخالفة صادرة من ضيف البرنامج طالما أن المقدم لم يتخذ ما يلزم لمنع نشرها.
- المسؤولية عن الإساءات والافتراء.
يساءل مقدم البودكاست نظامياً إذا تضمن المحتوى:
- إساءة إلى أشخاص أو جهات.
- قذفاً أو سباً أو تشهيراً.
- نشر ادعاءات بلا دليل.
- نسبة أفعال أو أقوال مجرمة لشخص دون تحقق.
وتندرج هذه الأفعال ضمن الجرائم المعلوماتية عند بثها عبر الوسائط الرقمية مما يترتب معه مسؤوليتين:
- مسؤولية إعلامية وفق نظام الإعلام المرئي والمسموع.
- مسؤولية جنائية وفق نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
كما قد تنشأ مسؤولية مدنية إذا ترتب على الإساءة ضرر معنوي أو مادي.
- مسؤولية الإضرار بالغير.
تقوم مسؤولية مقدم البودكاست المدنية إذا تسبب المحتوى في الإضرار بسمعة شخص أو منشأة، التأثير السلبي على مصالح مهنية أو تجارية، التسبب بخسائر واضحة نتيجة محتوى مضلل و غير دقيق. ويستحق المتضرر في هذه الحالة التعويض إذا ثبتت ثلاثة عناصر:
- خطأ مقدم البودكاست
- وقوع ضرر
- وجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر
وتزداد جسامة المسؤولية عندما يعتمد الجمهور على المحتوى في موضوعات حساسة مثل الصحة أو المال أو القانون.
- حدود حرية الرأي في البودكاست.
رغم ان البودكاست يعد مساحة واسعة للتعبير إلا أن حرية الرأي ليست مطلقة، بل تحكمها ضوابط نظامية أهمها:
- عدم المساس بالدين.
- احترام النظام العام والآداب.
- عدم التحريض على الكراهية أو التمييز.
- عدم استغلال الحرية الإعلامية للإضرار بالغير.
- الالتزام بالمعلومات الصحيحة عند مناقشة موضوعات تخصصية.
بالتالي فإن حرية مقدم البودكاست تنتهي عند النقطة التي يبدأ فيها ضرر الآخرين أو مخالفة الأنظمة النافذة.
المبحث الثاني: المسؤولية تجاه الضيوف والمستمعين
- حقوق الضيوف في التسجيل والنشر.
يتمتع الضيف في برامج البودكاست بحقوق أساسية تتعلق بعملية التسجيل والنشر، إذ يجب أن تتم مشاركته بناءً على موافقته الصريحة ومعرفته الكاملة بالغرض من التسجيل وطريقة استخدام المادة الصوتية. ولا يجوز لمقدم البودكاست نشر أي جزء من حديث الضيف دون إذنه أو خلاف ما اتفق عليه بين الطرفين، كما يحق للضيف طلب عدم نشر بعض المقاطع التي قد يرى أنها تمسه أو لا يرغب في ظهورها. وتبقى هذه الحقوق قائمة حتى مرحلة ما قبل النشر، مما يمنح الضيف القدرة على التراجع عن المشاركة أو تعديل شروطها ما لم تنشر الحلقة فعلياً.
- سرية التسجيلات الصوتية.
تلتزم الجهة المنتجة للبودكاست بالحفاظ على سرية التسجيلات الصوتية للضيوف، وعدم نشرها أو مشاركتها مع أي طرف غير مخول، ويشمل ذلك منع أي استخدام خارج نطاق الغرض المتفق عليه واتخاذ التدابير اللازمة لحمايتها من الاختراق أو التسريب بحيث تظل المعلومات الشخصية والمحتوى الصوتي في مأمن طوال فترة الاحتفاظ بها. ويعد أي إخلال بهذه السرية مسؤولية مباشرة على مقدم البودكاست وقد تؤدي إلى مساءلة نظامية ومدنية.
- حماية البيانات.
يجب على مقدم البودكاست الالتزام بحماية البيانات الشخصية للضيوف بما يشمل الاسم، والصوت، والمعلومات المهنية، ووسائل التواصل، وكل ما يمكن أن يعرف الشخص. ويقتصر جمع هذه البيانات على ما يلزم لإنتاج المحتوى مع منع استخدامها أو مشاركتها مع أي جهة خارجية دون موافقة صريحة من صاحبها. ويقع على مقدم البودكاست مسؤولية حماية هذه البيانات من الاختراق أو الاستغلال ويُعد أي انتهاك لها مخالفة للنظام تستوجب المساءلة القانونية.
- موافقة الضيف وحدود استخدامها.
تشكل موافقة الضيف أساساً قانونياً لنشر المحتوى الصوتي في البودكاست ويجب أن تكون هذه الموافقة صريحة وواضحة ومحددة الغرض. ولا يجوز لمقدم البودكاست استخدام التسجيلات في سياقات أخرى غير متفق عليها، مثل إعادة استخدامها لأغراض دعائية أو نشر مقاطع خارج الحلقة المتفق عليها، كما يجب احترام رغبة الضيف في تعديل أو سحب أجزاء من التسجيل قبل النشر. وتظل حدود استخدام التسجيلات مرتبطة بما وافق عليه الضيف، ويُعد تجاوز هذه الحدود انتهاكاً للحقوق الشخصية وقد يترتب عليه مسؤولية نظامية ومدنية.
المبحث الثالث: المسؤولية الإعلانية
- الإفصاح الإعلاني في البودكاست.
يجب على مقدم البودكاست الالتزام بالإفصاح الإعلاني، حيث يجب توضيح أي محتوى مدفوع أو رعاية تجارية أو تعاون تسويقي بشكل صريح خلال الحلقة أو في وصفها، بحيث يكون الجمهور على علم بطبيعة الإعلان وفصله عن المحتوى التحريري. ويعد الإخفاء أو عدم الإفصاح محاولة لتضليل المستمع، مما يترتب عليه مسؤولية قانونية مباشرة.
- الإعلانات المضللة.
يُحظر نشر الإعلانات المضللة التي تتضمن ادعاءات غير صحيحة أو معلومات غير دقيقة حول المنتجات أو الخدمات. ويشمل ذلك الادعاءات الطبية أو المالية أو القانونية غير المثبتة، والتي يمكن أن تؤثر على قرارات المستمعين بطريقة مضللة، إذ تقع المسؤولية على مقدم البودكاست عن أي ضرر ينتج عن المحتوى الإعلاني.
- الترويج للمنتجات المحظورة.
يُمنع الترويج للمنتجات المحظورة بموجب الأنظمة السعودية، بما في ذلك المنتجات غير المرخصة أو المحظورة شرعاً أو قانونياً أو أي منتجات قد تضر بالمستهلكين أو تخل بالنظام العام. ويجب على مقدم البودكاست التحقق من قانونية المنتجات قبل الترويج لها، مع الالتزام الكامل بالضوابط التنظيمية الخاصة بالإعلانات.
الفصل الرابع: المخالفات والعقوبات وآليات التقاضي
المبحث الأول: أبرز المخالفات المتعلقة بالبودكاست
- مخالفة شروط الترخيص.
تُعد مخالفة شروط الترخيص من أبرز المخالفات التي يمكن أن يرتكبها مقدم البودكاست، وتشمل تجاوز النشاط عن الحدود المقررة في الترخيص أو عدم الالتزام بالالتزامات النظامية المصاحبة له.
ويشمل ذلك إنتاج محتوى خارج نطاق الترخيص أو استخدام وسائل النشر غير مصرح بها أو عدم الالتزام بضوابط الإفصاح والشفافية المقررة من الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع.
- نشر محتوى يخل بالآداب العامة.
يُعتبر نشر محتوى يخل بالآداب العامة من المخالفات الأساسية في البودكاست، ويشمل ذلك استخدام ألفاظ نابية، أو عرض مواقف أو حوارات تتعارض مع القيم الاجتماعية والدينية، أو محتوى قد يسيء لأي فئة من المجتمع. ويهدف القانون واللوائح المنظمة للإعلام الرقمي إلى حماية الذوق العام والحفاظ على البيئة الإعلامية من الإساءة أو الترويج لأفكار مخالفة للنظام والقيم المجتمعية. ويترتب على مخالفة هذه الضوابط مسؤولية نظامية مباشرة، تشمل العقوبات التي قد تفرضها الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع.
- استخدام تسجيلات دون إذن.
يُعد استخدام التسجيلات الصوتية للضيوف دون الحصول على موافقة صريحة منهم من المخالفات النظامية الجسيمة. مما يُعد انتهاكاً لحقوق الخصوصية وحماية البيانات الشخصية. وتترتب على هذه المخالفة مسؤولية مباشرة على مقدم البودكاست، وقد تشمل العقوبات النظامية المنصوص عليها في نظام الإعلام المرئي والمسموع، إلى جانب المسؤولية المدنية في حال تسببت المخالفة في ضرر مادي أو معنوي للمتضرر.
- المحتوى العنيف أو المسيء.
يُعد نشر المحتوى العنيف أو المسيء من المخالفات الخطيرة، ويشمل ذلك أي محتوى يحض على العنف، أو الكراهية، أو التمييز، أو الإساءة إلى أشخاص، أو جماعات، أو تهديد السلامة العامة، أو الأمن الاجتماعي. ويهدف القانون ولوائح المحتوى الرقمي إلى حماية الجمهور والبيئة الإعلامية من أي تأثير سلبي. وتترتب على هذه المخالفة مسؤولية مباشرة على مقدم البودكاست تشمل العقوبات التي قد تفرضها الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع.
المبحث الثاني: العقوبات النظامية
تتدرج العقوبات النظامية التي تفرض على مقدمي البودكاست بحسب نوع المخالفة وجسامتها، ويأتي في مقدمتها الغرامات المالية التي تفرضها الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع عند الإخلال بضوابط المحتوى أو شروط الترخيص، ويتم تحديد مقدارها وفقاً لطبيعة المخالفة وتأثيرها على الجمهور أو النظام العام. وقد تمتد العقوبة إلى سحب الترخيص بالكامل في حال ارتكاب مخالفات جسيمة أو تكرار المخالفات رغم التنبيه، مما يحول دون استمرار مقدم المحتوى في ممارسة النشاط الإعلامي. وفي بعض الحالات لا تلجأ الهيئة إلى السحب النهائي، بل تفرض الإيقاف المؤقت للنشاط سواء بإيقاف نشر الحلقات أو تعليق الترخيص لمدة محددة، وذلك كإجراء تصحيحي لضمان التزام صاحب البودكاست بالضوابط النظامية.
وإلى جانب العقوبات الإدارية تثور كذلك المسؤولية المدنية إذا ترتب على المخالفة ضرر للغير، حيث يحق للمتضرر المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية أو المعنوية الناتجة عن نشر محتوى مسيء أو مضلل أو استخدام تسجيلات دون إذن، مما يجعل مقدم البودكاست مسؤولاً أمام القضاء عن تعويض الضرر إضافة إلى العقوبات النظامية الاخرى.
مخالفات المحتوى:
- نشر معلومات كاذبة أو غير موثقة: يمكن أن تصل الغرامة إلى 10 ملايين ريال، مع إمكانية مضاعفتها في حال تكرار المخالفة أو استمرارها.
- استخدام لغة مبتذلة: يمكن أن تؤدي إلى غرامة، وربما تعليق الترخيص أو إلغائه.
مخالفات عامة:
- تشمل العقوبات الأخرى الإيقاف عن مزاولة المهنة لمدة تصل إلى 6 أشهر، أو إلغاء الترخيص.
- تضاعف الغرامة في حال تكرار المخالفة أو استمرارها أو عدم تصحيحها.
الشائعات:
- نشر الشائعات التي تؤثر على النظام العام: يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات، وغرامة تصل إلى 3 ملايين ريال، وفقاً لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
نصت المادة (17) من نظام الإعلام المرئي والمسموع، على أنه
- مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها نظام آخر يعاقب كل من يخالف أحكام النظام أو اللائحة بعقوبة أو أكثر من العقوبات الآتية:
- غرامة لا تزيد على عشرة ملايين ريال.
- الإيقاف عن مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على ستة أشهر.
- إلغاء الترخيص.
- يكون تحصيل الغرامة مشمولاً بالنفاذ المعجل، وللهيئة استعادة أي عائد مالي حصل عليه المخالف نتيجة المخالفة.
- تضاعف الغرامة المحكوم بها أو المقررة في حال تكرار المخالفة، أو استمرارها، أو عدم تصحيحها خلال المهلة التي تحددها الهيئة.
نصت المادة (18/1/2) من نظام الإعلام المرئي والمسموع، على أنه مع مراعاة اختصاصات اللجنة الابتدائية المحددة في المادة (التاسعة عشرة) من النظام، تختص الهيئة بما يأتي:
- إيقاع الغرامة المنصوص عليها في الفقرة (1/أ) من المادة (السابعة عشرة) من النظام -على مخالفات أحكام النظام واللائحة بما لا يزيد على مليون ريال، وتحدد اللائحة المخالفات الموجبة لهذه الغرامة، والإجراءات والضوابط المتعلقة بذلك.
ويجوز التظلم من القرار الصادر من الهيئة أمام اللجنة الابتدائية المنصوص عليها في المادة (التاسعة عشرة) من النظام خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغ المخالف بالقرار.
- إيقاف البث أو تعليق الترخيص احترازياً وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة مدة لا تزيد على ستين يوماً في حالة مخالفة أي من أحكام النظام واللائحة على أنه يجوز لمن نفذ بحقه إجراء الإيقاف أو التعليق التظلم أمام اللجنة الاستئنافية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه بذلك، وعليها أن تبت في التظلم خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديمه.
نصت المادة (6/1) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أيا من الجرائم المعلوماتية الآتية: إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، او القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي.
المبحث الثالث: آليات التقاضي وتسوية النزاعات
- الاختصاص القضائي.
تُنظر المخالفات الإدارية المتعلقة بالترخيص وضوابط المحتوى أمام هيئة الإعلام المرئي والمسموع بوصفها الجهة المختصة بالرقابة. أما النزاعات المدنية وطلبات التعويض الناتجة عن نشر المحتوى فترفع أمام المحاكم المختصة حسب نوع الضرر وطبيعته.
- الإثبات في المحتوى الصوتي.
يُعد التسجيل الصوتي دليلاً مقبولاً متى ما ثبتت صحته وعدم التلاعب به، ويمكن الاعتماد على السجلات الرقمية، وبيانات النشر من المنصات، وتقارير الخبرة الفنية لإثبات واقعة التسجيل، وتاريخ نشر الحلقة، والعبارات محل النزاع.
- الإجراءات أمام هيئة الإعلام المرئي والمسموع.
تبدأ الإجراءات بتلقي البلاغ أو رصد المخالفة ثم استدعاء مقدم البودكاست لسماع أقواله، يعقب ذلك تقييم المخالفة وفق الأنظمة. وإصدار القرار الإداري المناسب مثل الغرامة أو الإيقاف، ويتاح لصاحب البودكاست حق التظلم خلال المدة النظامية.
- دعاوى التعويض أمام المحاكم.
يحق للمتضرر رفع دعوى التعويض إذا تسبب المحتوى الصوتي في ضرر مادي أو معنوي، وتلزم المحكمة المدعي بإثبات الضرر وعلاقته المباشرة بالمحتوى المنشور، وتقدر قيمة التعويض بحسب جسامة الضرر وظروف الواقعة.
الخاتمة
أظهر هذا البحث أن “البودكاست” بات أحد أبرز وسائط الإعلام الرقمي في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي استلزم وضع إطار نظامي ينظم إنتاجه ونشره ويحدد مسؤوليات القائمين عليه. وقد بينت الدراسة أن نظام الإعلام المرئي والمسموع ولوائحه التنفيذية يمثلان المرجع الأساسي لتنظيم هذا النشاط، سواء فيما يتعلق بالترخيص أو بضوابط المحتوى أو بالمسؤولية النظامية المترتبة على المخالفات. ويتضح أن المشرع السعودي حرص على تحقيق التوازن بين تمكين حرية التعبير من جهة، وفرض الضوابط الكفيلة بحماية المجتمع وحقوق الأفراد من جهة أخرى.
يخضع نشاط البودكاست لضوابط نظامية محددة أبرزها الحصول على ترخيص من الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع والالتزام بلائحة المحتوى الرقمي. إن مقدم البودكاست يتحمل مسؤولية نظامية عن كل ما ينشر وتشمل المسؤولية الإدارية والغرامات والمسؤولية المدنية متى ترتب على المحتوى ضرر للغير، كما كشفت الدراسة عن وجود حماية نظامية واضحة لحقوق الضيوف والمستمعين بما في ذلك حماية البيانات وسرية التسجيلات ومشروعية استخدام المحتوى. وأن آليات التقاضي المتعلقة بالنشر الصوتي تتوزع بين الجهة الإدارية والمحاكم المختصة وفقاً لطبيعة المخالفة أو الضرر.
ضرورة تعزيز الوعي القانوني لدى مقدمي البودكاست بالمحتوى النظامي الذي يحكم نشاطهم عبر مبادرات تدريبية أو أدلة تفسيرية تصدرها الهيئة. تطوير ضوابط أكثر تفصيلاً للإعلانات داخل البودكاست، بما يحد من التضليل ويحمي المستهلك وأيضاً تشجيع إنشاء منصات رقمية تساعد مقدمي البودكاست على إدارة الموافقات وحماية الحقوق المرتبطة بالتسجيلات، دعم الرقابة التقنية المتطورة لرصد المحتوى المخالف وضمان التزام الجهات المرخصة بالضوابط. فإن تنظيم البودكاست في المملكة العربية السعودية يتجه نحو مزيد من التطوير انسجاماً مع النمو المتسارع للإعلام الرقمي. ومن المتوقع أن يتم تعزيز الإطار التنظيمي لضبط الإعلانات، وحماية البيانات الشخصية، وتفعيل أدوات رقابة رقمية بما يحقق أهداف “رؤية 2030” في بناء بيئة إعلامية رقمية متوازنة وآمنة.
المراجع
- نظام الإعلام المرئي والمسموع، الصادر بالمرسوم الملكي رقم(م/33) وتاريخ 25/3/1439هـ.
- نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/17) وتاريخ 8/3/1428هـ.
- اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام المرئي والمسموع، بتاريخ 4/3/1440هـ.
- العربية، الرياض، ثقافة البودكاست podcast، (2019).
- منصور، بن تركي. جريدة الرياض، البودكاست في المملكة.. ثقافة وتأثير، (2025).


أكتب تعليقا