عقد احتراف لاعب كرة القدم في المملكة العربية السعودية: الإطار القانوني والحقوق والالتزامات

25 نوفمبر, 2025

المقدمة

يشهد القطاع الرياضي في المملكة العربية السعودية تحولاً كبيرًا على كافة الأصعدة، لا سيما في الاستثمارات التي نشاهدها في كرة القدم السعودية باستقطاب اللاعبين الأجانب لبناء دوري سعودي ينشد به العالم، فهذا الاستقطاب تقضي به الضرورة بأن يتم الحرص على تنظيم عقود الاحتراف وفقًا للاشتراطات التي نصت عليها الأنظمة المحلية أو الدولية.

لضمان حماية حقوق الأطراف كافة، ومنع النزاعات التي من شأنها إدخال الأندية الرياضية في تخبطات إدارية وقانونية هي في غنى عنها، والتي تضر بمكانة النادي وسمعته المهنية، ومن هذا المنطلق تكمن أهمية تنظيم العلاقة التعاقدية بين اللاعب والنادي إذ أن هذه العلاقة تستوجب الحذر والالتزام بكل بند نص عليها العقد باعتبار أن المخالفات الرياضية لا تقف عند الضرر الذي وقع على إدارة النادي أو اللاعب بل تتعداه إلى ما هو أسوأ من ذلك وهو أن يصبح وضع النادي في محل شك وريبة قد يتفاقم ضررها على مركزه الرياضي، فإن التجارب الرياضية في المملكة تدل على أن التزام الأندية بما تفرضه عليها نفسها من عقود تحكم العلاقة بين الطرفين، بالإضافة إلى الالتزام بما تنص عليه الأنظمة هي عمود استمراره وازدهاره في هذا القطاع.

 وبناءً على ما سبق، نستعين في هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي في معالجة موضوعه، حيث يقوم بتوصيف الإطار النظامي لعقد الاحتراف في النظام السعودي ومن حيث الحقوق والالتزامات، وتحليل النصوص النظامية ذات الصلة. 

الفصل الأول: الإطار النظامي لعقد الاحتراف الرياضي

  1. الأساس النظامي للاحتراف في المملكة.

يرجع الأساس النظامي لاحتراف كرة القدم في المملكة إلى لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين وانتقالاتهم الصادرة عن الاتحاد السعودي لكرة القدم، والتي تهدف إلى تنظيم عقود اللاعبين، وانتقالاتهم، ورواتبهم، وتحديد التزامات كل طرف. كما تسعى اللائحة إلى حماية حقوق اللاعبين والأندية، وضمان نزاهة المنافسة الرياضية، وتنظيم آليات فسخ العقود أو تسويتها عند حدوث نزاع. 

ويأتي ذلك مع الالتزام بالأنظمة واللوائح المحلية ذات الصلة، وكذلك اللوائح الدولية المعترف بها، مثل لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) في حال الانتقالات الدولية، مما يعزز من الإطار القانوني الشامل للاحتراف الرياضي في المملكة.

حيث نصت المادة (11) من لائحة الاحتراف على أنه يقع التزام على النادي متمثلاً في: التقيد بالأنظمة واللوائح والقرارات والتعاميم الصادرة عن الاتحاد والاتحاد الدولي والأعراف الرياضية في العقود التي تبرمها، وكذلك بالتعاميم السنوية.

  1. الطبيعة القانونية لعقد الاحتراف.

يعتبر عقد لاعب كرة القدم المحترف من العقود الحديثة نسبيًا، الذي ورد تعريفه في لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين للاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) بأنه: ” اللاعب الذي لديه عقد مكتوب مع النادي ويدفع على نشاطه الكروي أكثر من المصروفات التي تكبدها، في حين يعتبر جميع اللاعبين الآخرين هواة”.

وعلى هذا التعريف يسمى العقد المبرم بين اللاعب والنادي بعقد الاحتراف، الذي اتخذ بموجبه اللاعب الرياضة حرفةً له يحصل من خلالها على عائد مالي، ويلتزم باتباع توجيهات إدارة النادي واللعب لحسابه.

ومن هذا المنطلق، نذكر خصائص عقد لاعب كرة القدم المحترف على النحو الآتي:

  1. عقد مسمى: أي أنه يعتبر من العقود التي يصدر لها تنظيمًا قانونيًا خاصًا وتسميه.
  2. عقد شكلي: أي أنه من العقود التي لا تنعقد بمجرد تبادل التراضي، بل يتطلب لانعقادها ومن ثم إلزاميتها لأطرافه هو توافر متطلبات شكلية معينة.
  3. من العقود الزمنية: أي أنه من العقود التي يعتبر فيها عنصر الزمن من العناصر الجوهرية، بأن يتم تحديد بمقتضاه محل الالتزام الناشئ عنه.
  4. عقد تبادلي: أي أنه من العقود الملزمة لجانبين، بمعنى أن ينشأ منذ إبرامه التزامات على عاتق كل طرف من أطرافه.
  5. قائم على الاعتبار الشخصي: أي أن شخصية كل من اللاعب والنادي مهمة لدى الآخر.

وحيث إن عقد الاحتراف يُعد اتفاقًا كتابيًا مبرمًا بين اللاعب المحترف أو المدرب أو وكيل اللاعبين أو النادي، ويتضمن على الأقل العناصر الجوهرية لعقد العمل وفقًا للمادة (1) من لائحة غرفة فض المنازعات، فإن العقد يُكيَّف قانونًا على أنه عقد عمل، مع مراعاة الشروط والضوابط الخاصة بطبيعته الرياضية.

  1. ضوابط تسجيل العقد لدى لجنة الاحتراف.

تعنى لجنة الاحتراف تابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم بجميع إجراءات انتقالات اللاعبين وفق لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين ولوائح الاتحاد الدولي الخاصة بأوضاع اللاعبين وانتقالاتهم، والتي يشترط أن تتكون من الرئيس ونائبه و (3) أعضاء ممن يملكون الخبرة في مجال كرة القدم، وفي المجالات المرتبطة بالاحتراف، ويجب أن يكون رئيس اللجنة حاصلاً كحد أدنى على درجة البكالوريوس في القانون أو ما يعادله. 

ومن هذا المنطلق، نصت المادة (9) من لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين على:” يجب أن يكون لدى اللاعب عقد مكتوب مع أحد الأندية، ويتقاضى أجرًا نظير نشاطه الكروي يفوق المصروفات الفعلية التي تترتب على ذلك، بالتالي يشترط لصحة تسجيل العقد لدى لجنة الاحتراف الشروط الآتية:

-أن يتمتع اللاعب بالمهارة التي يشترط توافرها بمن يمارس لعبة ما.

– أن يكون قد بلغ (18) عامًا ميلاديًا عند توقيع العقد، والذي يشترط ألا تتجاوز مدته خمس سنوات، ويجوز توقيع عقد احترافي مع من هو أقل سنًا، بموافقة ولي أمره، شريطة ألا تزيد مدة عقده عن ثلاث سنوات.

– ألا يكون قد صدر في حقه قرار لم يتم تنفيذه بعد، أو إيقاف تأديبي أو منع نهائي من ممارسة اللعبة في توقيع العقد.

– وجود عقد احترافي مكتوب، باستخدام نموذج عقد اللاعبين السعوديين المنصوص عليها في الملحق (2) من لائحة الاحتراف.

-اجتياز الفحص الطبي.

  1. الثغرات النظامية التي قد تهدد استقرار العلاقة التعاقدية.

الفصل الثاني: الحقوق النظامية للاعب المحترف

يلتزم النادي الرياضي في مواجهة اللاعب بعدة التزامات تمثل في جوهرها حقوقَا له، منها حقوقًا مالية وأخرى مهنية:  

  1. الحقوق المالية:
  • دفع الأجر: دفع الأجر للاعب نظير ما يقدمه من نشاطات رياضية تتطلبها عمل النادي لازدهاره، على أن يكون وفقًا لأحكام العقد المبرم بينهما.
  • توفير تأمين صحي: بحيث يشمل العلاج والكشوفات الطبية اللازمة طيلة فترة العقد.
  • معالجة اللاعب المحترف على نفقته الخاصة نتيجةً على إصابته أثناء التمارين أو مباريات النادي الرسمية خلال مدة عقده.
  • أي امتيازات أخرى: أي مكافآت أو بدلات سكن أو مواصلات عند تحقيق أهداف محددة أو أداء مميز، وغيرها متى ما كان منصوص عليها في العقد مثل عقود الرعايات والسفر على النادي وهكذا.

2. الحقوق المهنية:

تتعدد الحقوق المهنية بين حق اللاعب المحترف في الرعاية الطبية والتدريب والانتقال، وذلك على النحو الآتي: 

  • تسجيل اللاعب لدى الاتحاد السعودي لكرة القدم كمحترف أو كهاوٍ ليتسنى له المشاركة في المسابقات النظامية الرياضية، حيث نصت المادة (16) في الفقرة الخامسة على أن تلتزم الأندية بتقديم عقود اللاعبين إلى الاتحاد خلال أول فترة تسجيل معلنة.
  • يلتزم النادي بتحمل تكاليف علاج اللاعب المحترف بشكل كامل، متى ثبت أن الإصابة نشأت أثناء مشاركته في التمارين أو المباريات الرسمية التابعة للنادي خلال مدة سريان العقد.
  • يتعين على النادي توفير جميع الإمكانات والتجهيزات التي تساعد اللاعب على أداء مهامه الرياضية وفق المعايير المهنية، ويشمل ذلك – دون حصر- الصالة الرياضية المناسبة، ومعدات التدريب، والملابس الرياضية المعتمدة من النادي، إضافةً إلى أي أدوات أو مستلزمات أخرى يراها الجهاز الفني والطبي ضرورية للحفاظ على جاهزية اللاعب ومشاركته الفعالة.
  • تمكين اللاعب من اللعب لحساب النادي والمنتخب الوطني.
  • للاعب المحترف عند انتهاء مدة عقده الانتقال لأي نادي آخر مالم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.
  1. ضمانات حماية اللاعب من الإنهاء التعسفي.

تتمثل ضمانات حماية اللاعب من الإنهاء التعسفي في تمكينه من التمسك بالشروط الموضوعية والإجرائية الواردة في عقده الاحترافي، بوصف العقد المرجع الأساس المنظم للعلاقة التعاقدية بين اللاعب والنادي ، وقد أكدت لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين الصادرة عن الاتحاد السعودي لكرة القدم ضرورة التزام الأندية بعدم إنهاء عقود اللاعبين إلا لسبب مشروع، مع توفير جملة من الضمانات النظامية والإجرائية التي تحول دون التعسف في استعمال حق الإنهاء حيث نصت المادة (39) من لائحة الاحتراف على أنه:” لا يجوز إنهاء العقد بين اللاعب المحترف والنادي، إلا مع انتهاء مدة العقد أو إنهائه بالتراضي”، ولاعتبار أي سببًا مشروعًا فإن المعيار ينص على يعد كذلك متى وجدت ظروف تجعل أيًا من الطرفين متصرفًا بحسن نية، غير قادر على توقع استمرار العلاقة التعاقدية بما يحقق الهدف بالشكل المطلوب استنادًا لذات المادة أعلاه. 

ومن الأسباب التي اعتبرتها اللائحة سببًا غير مشروعًا هو عندما ينهي النادي عقدًا من جانب واحد بسبب حمل اللاعبة، أو وجودها في إجازة أمومة، وذلك استنادًا لنص المادة (38) من لائحة الاحتراف.

 فضلاً عن أنه نصت المادة (24) من اللائحة على: يقع باطلاً أي اتفاق أو أي شرط يرد في العقد مخالف للوائح وأنظمة وتعاميم الاتحاد”، وعليه نذكر أبرز هذه الضمانات على النحو الآتي:

  1. ضرورة وجود سبب مشروع للإنهاء

تشترط اللوائح أن يستند إنهاء العقد إلى مبرر مشروع، سواء كان إخلالًا جوهريًا من اللاعب بالتزاماته أو ظروفًا نظامية محددة، مما يمنع الأندية من اللجوء إلى الإنهاء دون مسوغ مقبول، كما ورد ذلك في المادة (41) من لائحة الاحتراف.

  1. اتباع الإجراءات النظامية قبل الإنهاء

تلتزم إدارة النادي بإشعار اللاعب خطيًا، وتمكينه من معالجة المخالفة –إن وجدت– خلال مدة محددة، وإلا عد الإنهاء مخالفًا للضوابط الإجرائية.

  1. حق اللاعب في التظلم ورفع النزاع أمام الجهات المختصة

خصصت لجان مختصة، مثل لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين وغرفة فض المنازعات، للنظر في حالات الإنهاء التعسفي، بما يكفل ضمانة قضائية فعالة للاعب.

  1. استحقاق التعويض عند ثبوت التعسف

في حال ثبوت الإنهاء غير المشروع، يحق للاعب الحصول على تعويض مالي يشمل الأجور المتبقية من العقد، إضافة إلى أي أضرار مباشرة ناجمة عن الإنهاء التعسفي.

  1. آليات المطالبة بالحقوق أمام غرفة فض المنازعات.

نصت لائحة غرفة فض المنازعات على اختصاصها وتشكيلها واجتماعاتها وقراراتها، حيث إنها تعد هي صاحبة الاختصاص الأصيل في الفصل بالمنازعات ذات البعد المحلي بين الأندية واللاعبين أو وكلاء كرة القدم أو المدربين بخصوص الحفاظ على الاستقرار التعاقدي، سواء كانت المنازعات منازعات عمل أو المطالبات بالتعويض وذلك استنادًا إلى نص المادة (5) من ذات اللائحة.

ولقد نصت المادة (13) أيضًا على الأطراف وحقوقهم الأساسية عند النظر في الدعوى وإجراءاتها أما غرفة فض المنازعات، وهي:

  1. المساواة في المعاملة، وحقهم في سماع أقوالهم.
  2. حرية الدفاع.
  3. الاطلاع على الأوراق والأدلة المقدمة.
  4. تقديم الأدلة ومناقشتها.
  5. الحصول على قرار مسبب.

وللأطراف الحق في اختيار من يمثلهم قانونًا بشرط أن يكون محاميً مرخصًا من الجهات الرسمية في المملكة وبموجب وكالة سارية متفقة مع الأنظمة المحلية النافذة أو وكالة خارجية مصادقة من جهات الاختصاص بالمملكة، ويحق للأندية تعيين أيًا من ممثليهم من إداريين النادي كمدير احتراف بموجب تفويض كتابي صادر من النادي.

ومن هذا المنطلق، نذكر آليات المطالبة بالحقوق أمام غرفة فض المنازعات على النحو الآتي:

  • يتطلب لتقديم الدعوى وللتقاضي وكافة الإجراءات الشكلية أن تكون خطية، وضمن المواعيد المحددة وتتخذ الغرفة قرارها بناء على المستندات المتوفرة لديها في ملف الدعوى، بالإضافة إلا إنه يشترط أن تكون المكاتبات بصيغة (PDF) وإرفاقها بالبريد الإلكتروني المعتمد للغرفة، استنادًا لنص المادة (14) من ذات اللائحة.

الفصل الثالث: التزامات اللاعب والنادي 

  1. التزامات اللاعب المهنية والسلوكية.

لا يقع على اللاعب فقط أداءً بالقيام باللعبة فقط، بل نصت المادة (10) من لائحة الاحتراف على أن يلتزم اللاعب السعودي المحترف على أمور أخرى نذكرها على النحو الآتي:

  • بالأنظمة واللوائح والقرارات والتعاميم الصادرة عن الاتحاد والاتحاد الدولي والأعراف الرياضية ونصوص العقد.
  • الالتحاق بالمنتخبات الوطنية فور طلب الاتحاد ذلك.
  • حضور التدريبات والمعسكرات والندوات والمؤتمرات الصحفية، وأداء المباريات الودية والرسمية في النادي أو المنتخب حسب المواعيد المقررة، وتنفيذ توجيهات وتعليمات وقرارات الجهاز الفني والإداري.
  • التحلي بالأخلاق والروح الرياضية، وأن يكون قدوة حسنة داخل وخارج الملعب. 
  • عدم قبول أي دعم مادي أو هدايا من أي شخص سواء طبيعيًا أو اعتباريًا، دون الحصول على موافقة النادي.
  • عدم المشاركة بأي نشاط رياضي، أو ثقافي أو اجتماعي، أو اللعب في أي مباراة ودية إلا بعد الحصول على موافقة النادي الخطية المسبقة.
  • يمتنع اللاعب عن تعاطي المنشطات ويفهم أن المنشطات محظورة تمامًا.
  1. التزامات النادي التعاقدية والإدارية.

ومن جانب الالتزامات التعاقدية والإدارية للأندية، فإنه نصت المادة (11) من ذات اللائحة على أن تلتزم الأندية بالتالي: 

  • بالأنظمة واللوائح والقرارات والتعاميم الصادرة عن الاتحاد والاتحاد الدولي والأعراف الرياضية في العقود التي تبرمها، وكذلك بالتعاميم السنوية.
  • الامتثال للالتزامات المالية تجاه اللاعبين.
  • أن يكون ممثل النادي رئيسه التنفيذي في التوقيع على المكاتبات والمراسلات والنماذج والوثائق والاتفاقيات والعقود المقدمة من النادي إلى لجنة الاحتراف، مع إضافة توقيع اللاعبين على الوثائق والنماذج.
  • تقديم الحساب الختامي عن الموسم الرياضي الماضي بعد اعتماده من محاسب قانوني مرخص له.
  • توفير تأمين صحي يغطي حالات الإصابة، والعجز والوفاة، طيلة مدة عقد اللاعب مع النادي، والحالات التي تمتد آثارها بعد نهاية العقد.
  • إعداد سجل خاص باللاعب المحترف يشمل المستحقات المالية، والاستقطاعات المسببة، وتقديمه عند الطلب.
  • حفظ سجلات الحضور والغياب عن التمارين، على أن تكون موقعة من قبل اللاعبين وتقديمها عند الطلب.
  1. الإخلال بالعقد والجزاءات المترتبة.

من أبرز الأمور التي تمثل إخلالاً جوهريًا بالعقد هي تأخر النادي بدفع المستحقات، بالتالي يشترط لاعتبار النادي متأخرًا في دفع المستحقات أن يكون الدائن سواء كان اللاعب أو نادي آخر، قد أنذر النادي المدين بالتأخير كتابيًا ومنحه مهلة لا تقل عن عشرة (10) أيام لوفائه بالتزاماته المالية، استنادًا لنص المادة (18) من لائحة الاحتراف التي نصت أيضًا على أن يجوز للغرفة أن تفرض العقوبات التالية:

  • التحذير
  • الإنذار 
  • الغرامة
  • المنع من تسجيل أي لاعبين جدد، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، لفترة كاملة واحدة أو فترتي تسجيل كاملتين متتاليتين.
  • يمكن الجمع بين العقوبات بالفقرات المذكورة أعلاه.
  • يعتبر تكرار المخالفة ظرفًا مشددًا ويؤدي إلى عقوبة أشد.

بالإضافة إلى إنه نصت المادة (64) من ذات اللائحة بأن يحق للجنة وفق صلاحياتها أن توقع عقوبات على النادي في حالة ارتكابه مخالفة أو أكثر من المخالفات التالية:

  1. تقديم بيانات أو مستندات خاطئة لغرض التحايل على قواعد التسجيل أو الانتقال.
  2. الإخلال بالالتزامات التعاقدية تجاه اللاعب خارج الفترة المحمية.
  3. عندما تتفاوض مع أحد اللاعبين أو التصريح بالتفاوض أو التعاقد خلافًا لأحكام اللائحة.
  4. تحريض اللاعب على الإخلال بعقده مع ناديه خارج الفترة المحمية.
  5. مخالفة لوائح وتعليمات وتعاميم الاتحاد ذات الصلة والامتناع عن تنفيذ قرارات اللجنة.
  6. الإخلال بالالتزامات المنصوص عليها في اللائحة.

حيث يترتب على ارتكاب النادي أي من المخالفات المذكورة أعلاه، إيقاع أي عقوبة من العقوبات التالية:

  • توجيه الإنذار الخطي.
  • الغرامة المالية التي لا تزيد عن (1000000) مليون ريال سعودي.
  • الحرمان من تسجيل لاعبين جدد لمدة لا تزيد عن فترتي تسجيل.

أما على جانب الأفعال التي تعتبر مخالفة في جوهرها، ويحق للجنة وفق صلاحياتها إيقاع عقوبة الإنذار الخطي، والغرامة المالية التي لا تزيد عن (300,000) ثلاثمائة ألف ريال سعودي، علاوةً على الإيقاف لمدة لا تزيد على ستة أشهر، مع صرف نسبة لا تتجاوز 50% من الأجر الشهري للاعب والتزام اللاعب بأداء التمارين، عند ارتكابه إحدى الأفعال التالية:

1-تقديم بيانات أو مستندات خاطئة لغرض التحايل على قواعد التسجيل أو الانتقال.

2- الإخلال بالالتزامات التعاقدية تجاه ناديه خارج الفترة المحمية.

3- توقيع عقد احتراف لأكثر من ناد عن نفس الفترة خارج الفترة المحمية.

  1. التفاوض مع أحد الأندية أو التصريح بالتفاوض أو التعاقد خلافًا لأحكام اللائحة.
  2. مخالفة لوائح وتعليمات وتعاميم الاتحاد ذات الصلة والامتناع عن تنفيذ قرارات اللجنة.
  3. دور المحامي الرياضي في إدارة الالتزامات والرقابة التعاقدية.

يشكّل المحامي المتخصص بالقانون الرياضي عنصرًا أساسيًا في تنظيم العلاقة التعاقدية بين اللاعب والنادي، إذ يتولى الإشراف القانوني على الالتزامات المتبادلة والتأكد من تنفيذها بصورة صحيحة ومتوافقة مع الأنظمة واللوائح المنظمة للاحتراف، ويبدأ دوره منذ مرحلة التفاوض، من خلال صياغة الالتزامات المالية والمهنية والسلوكية بوضوح، بما يضمن تحديد حقوق كل طرف وواجباته على نحو يمنع الغموض ويحد من فرص النزاع مستقبلاً.

كما يقوم المحامي بمتابعة تنفيذ هذه الالتزامات طوال مدة العقد، وذلك عبر مراقبة التزام النادي بدفع الرواتب والمكافآت في مواعيدها، والتأكد من حضور اللاعب للتدريبات والفعاليات الرسمية، إضافة إلى رصد أي إخلال قد يحدث من أي من الطرفين، وتوثيقه واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة تجاهه. 

ويُعنى المحامي أيضًا بتقييم المخاطر القانونية المحتملة في العقد واقتراح التعديلات اللازمة لتفاديها، فضلًا عن تقديم الاستشارات المستمرة المتعلقة باللوائح الوطنية والدولية المرتبطة بالاحتراف، وفي حال وقوع نزاع، يتولى تمثيل اللاعب أو النادي أمام الجهات القضائية والهيئات المختصة كاللجان القضائية الرياضية أو مركز التحكيم الرياضي، مع السعي دائمًا للوصول إلى تسوية عادلة تضمن حفظ الحقوق وتحقق استقرار العلاقة التعاقدية.

الفصل الرابع: الوقاية من النزاعات الرياضية

  1. البنود الوقائية الواجب تضمينها في عقد الاحتراف.

ولما كان العقد يُعد شريعة المتعاقدين، باعتباره الأداة التي تنظم العلاقة بين أطرافه ويلتزم كل منهم بما ورد فيه التزامًا تامًا، ولا يملك أي طرف الرجوع عن أحكامه أو تعديلها بإرادته المنفردة، فإن ذلك يقتضي ضرورة مراجعة بنود عقد الاحتراف من جانب كلٍّ من النادي واللاعب، ضمانًا لسلامة الالتزامات المتبادلة واتساقها مع أحكام النظام، وعليه نذكر بنودًا تعتبر وقائية لكلا طرفي العقد وذلك على النحو الآتي:

  1. بند التحكيم وتسوية المنازعات: يدرج في العقد بند يُحدد بوضوح الجهة المختصة بنظر المنازعات الناشئة عن العقد، سواءً باللجوء إلى غرفة فض المنازعات الرياضية أو مركز التحكيم الرياضي السعودي، بما يسهم في حسم النزاع بفاعلية ويُجنب الطرفين إطالة أمد الخصومة.
  2. بند السرية: يُلزم الطرفان بالمحافظة على سرية المعلومات الفنية والمالية والتنظيمية المتصلة بالنادي أو اللاعب، وحظر إفشائها للغير إلا في حدود ما يتطلبه النظام أو الضرورة المهنية.
  3. بند الحد الأدنى للمشاركة: يُدرج في العقد ما يكفل عدم تجميد اللاعب أو إبعاده عن المشاركة دون مبرر فني مكتوب، وذلك عبر وضع معايير واضحة للمشاركة.
  4. بند الالتزامات الإعلامية والتجارية: تحديد حقوق النادي في استخدام صورة اللاعب، وبيان القيود على التعاقدات الإعلانية التي يبرمها اللاعب، بما يضمن عدم تعارضها مع التزامات العقد أو مصالح النادي.
  5. إجراءات التحذير والإنذار قبل الفسخ.

تنص لائحة الاحتراف على مبدأ أساسي مفاده عدم جواز إنهاء العقد دون سبب مشروع، واحترام الالتزامات التعاقدية، استنادًا إلى نص المادة (39) من اللائحة: “لا يجوز إنهاء العقد بين اللاعب المحترف والنادي إلا مع انتهاء مدة العقد أو إنهائه بالتراضي، وعليه، لا يجوز لأي طرف الرجوع عن العقد أو تعديل التزاماته إلا بموافقة الطرف الآخر، ما يفرض على الأطراف ضرورة اتباع إجراءات التحذير والإنذار قبل أي محاولة فسخ حسب المدة المنصوص عليها في العقد، لضمان الالتزام بالمبدأ القانوني للعقد وحماية حقوق الأطراف كافة.

  1. دور مكاتب المحاماة في مراجعة العقود قبل اعتمادها.

 لمكاتب المحاماة دورًا أساسيًا في فحص العقود قبل توقيعها، وذلك لضمان توافقها مع الأنظمة والقوانين المعمول بها، وكشف المخاطر المحتملة، واقتراح بنود وقائية تحمي مصالح الأطراف، كما تقوم بشرح آثار البنود القانونية وتقديم توصيات بصياغة دقيقة تقلل فرص النزاع، بما يضمن الوصول لنسخة عقد تحمي كلا الطرفين مستقبلاً.

  1. نماذج واقعية للنزاعات وكيف كان يمكن تجنبها.

كمثال واقعي على النزاعات التعاقدية في كرة القدم، هناك حالة وقع فيها لاعب عقدين متزامنين مع ناديين مختلفين، حيث جدد عقده مع ناديه الحالي بعد توقيعه مع نادي آخر، مما أدى إلى نشوء نزاع حول صحة العقود وحق كل طرف في المطالبة بالتزامات اللاعب، وأسفرت القضية عن توقيف اللاعب لفترة تسجيل محددة نتيجة توقيعه على عقد مزدوج، كما فرضت على ناديه عقوبة المنع من التسجيل لفترتين متتاليتين بالإضافة إلى غرامة مالية كبيرة كتعويض للنادي الآخر، ما يبرز أهمية التأكد دائمًا من وجود أي عقد سابق قبل اعتماد عقد جديد لضمان استقرار العلاقة التعاقدية وتفادي النزاعات المحتملة.

الفصل الخامس: تسوية المنازعات وآليات الحماية القانونية

  1. غرفة فض المنازعات واختصاصها.

استنادًا للائحة غرفة فض النزاعات بالمادة (2) فإنها هي: هيئة تهدف لتحقيق العدالة والحفاظ على حقوق الأطراف وتستند في ممارسة أعمالها واختصاصاتها على التالي/

  1. العقود والاتفاقيات المبرمة بين الأطراف مالم تخالف النظام العام المنصوص عليه الأنظمة المحلية بالمملكة والنظام الأساسي للاتحاد السعودي أو لوائحه.
  2. النظام الأساسي واللوائح والتعاميم والقرارات الصادرة من محكمة التحكيم الرياضي والاتحاد الدولي والاتحاد الآسيوي في حال عدم وجود نصوص في لوائح الاتحاد السعودي.
  3. القواعد العرفية الرياضية المتعلقة بكرة القدم. 

وبالاستناد على المادة (5) من ذات اللائحة، تتمثل اختصاصات الغرفة في الآتي:

تختص غرفة فض المنازعات بالنظر في النزاعات الرياضية بين اللاعبين والأندية والمدربين، وتشمل:

  • النزاعات التعاقدية والمالية مثل الرواتب والتعويضات.
  • -المخالفات التأديبية والسلوكية.
  • التظلمات التي يقدمها اللاعبون المحترفون والمتضمنة اعتراضهم على العقوبات المفروضة بحقهم الناشئة عن عقد الاحتراف.
  • إصدار قرارات ملزمة مثل التعويضات المالية أو منع التسجيل. 
  • لا تسمع الدعوى أمام الغرفة في أي منازعة وفقًا لأحكام اللائحة، بعد مضي سنتين ميلاديتين من تاريخ انتهاء العلاقة التعاقدية سبب منشأ الاستحقاق موضوع النزاع.
  1. التحكيم الرياضي السعودي كخيار بديل للتقاضي.

يعتبر المركز التحكيم الرياضي السعودي هو الجهة العليا للفصل في أي منازعة من المنازعات الرياضية، وذلك عبر التحكيم أو الوساطة، ويعد جهة مستقلة ومحايدة، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ويمثله الرئيس أو من يفوضه.

وجاء هذا المركز انطلاقًا من تحقيق أهدافًا عديدة حسب نص المادة (6) من النظام الأساسي للمركز وهي كالآتي:

  1. العدالة والإنصاف وسرعة الفصل في المنازعات الرياضية.
  2. حماية حقوق أطراف المنازعة.
  3. نشر ثقافة التحكيم والوساطة لدى العاملين في الوسط الرياضي في المملكة.
  4. توثيق العلاقات مع الجهات المعنية بالتحكيم في المملكة وخارجها، وتشجيع وتعزيز التعاون وعقد الشراكات معها.
  5. المشاركة في المحامل الرياضية ذات الصلة بالتحكيم والوساطة، داخل المملكة أو خارجها. 

ويختص المركز بالفصل في المنازعات الرياضية والمنازعات ذات الصلة بالرياضة، كالمنازعات التي تنشأ بسبب المنشطات الرياضية، أو أي منازعة رياضية ذات بعد أجنبي (لاعب أجنبي، مدرب أجنبي) إذا تم النص في العقد المبرم بين أطراف المنازعة، أو في اتفاق لاحق مكتوب على اللجوء إلى المركز.

  1. الإجراءات النظامية للطعن في القرارات.

بعد تحليل نصوص مواد لائحة غرفة فض المنازعات فإن الإجراءات النظامية للطعن على القرارات الصادرة منها بعد نشرها تكون أمام مركز التحكيم الرياضي السعودي وتحديدًا غرفة تحكيم منازعات كرة القدم، استنادًا على المادة (34) من ذات اللائحة.

ولقد نصت المادة (21) من النظام الأساسي لمركز التحكيم الرياضي السعودي على أن تكون مدة الاستئناف (21) يومًا من تاريخ إبلاغ أطراف المنازعة بالقرار المستأنف ضده، مالم تحدد مدة أقل في أنظمة ولوائح الاتحاد السعودي لكرة القدم، بشرط ألا تلك المدة عن عشرة أيام.

الخاتمة

الاحتراف الرياضي في تطور مستمر، فمنذ القدم كان مجرد ممارسة نشاط رياضي معين إلى أن أصبح حرفة ووسيلة للكسب، ومع مرور الوقت تطورت القوانين واللوائح المنظمة له لضمان حماية حقوق اللاعبين والأندية على حد سواء، وفي المملكة العربية السعودية، يشهد القطاع الرياضي تطورات كبيرة من خلال إصدار لوائح الاحتراف الرياضي، وإنشاء غرفة فض المنازعات ومركز التحكيم الرياضي السعودي، بما يعزز الاستقرار القانوني والمهني في القطاع الرياضي.

كما أثبتت النزاعات الواقعية أهمية إدراج بنودًا دقيقة وواضحة في العقود ومراعاة الإجراءات النظامية للطعن، لضمان حقوق جميع الأطراف، وتحقيق التوازن بين الالتزامات والحقوق، بما يسهم في تطوير بيئة رياضية مستقرة ومهنية.

وتوصلنا في هذا البحث إلى عدة نتائج ونذكرها على النحو الآتي:

  1. أن عقد الاحتراف من العقود الشكلية الذي يتطلب لانعقاده توافر اشتراطات نظامية معينة.
  2. عقد الاحتراف هو اتفاق كتابي بين لاعب محترف، أو مدرب أو وكيل لاعبين أو نادٍ يتضمن على الأقل العناصر الأساسية لعقد العمل، الذي من خلاله نستنتج أن طبيعة عقد الاحتراف بتكييفه عقد عمل، مع الاحتفاظ ما تتطلبه طبيعته الخاصة من أحكام.
  3. لا يجوز إنهاء عقد الاحتراف الرياضي دون سبب مشروع، إذ تنص لائحة الاحتراف على ضرورة احترام العقود، ويحق فسخ العقد أو إنهاؤه فقط بموافقة الطرفين أو لسبب مشروع يحدد النظام.
  • التوصيات: 
  1. التأكد من صحة العقود وعدم وجود تعاقدات سابقة قبل اعتماد أي عقد جديد.
  2. تعزيز وضوح الالتزامات والحقوق لضمان استقرار العلاقة التعاقدية.
  3. الاستفادة من التحكيم الرياضي والوساطة لحل النزاعات بسرعة وعدالة.
  4. تعيين مستشار قانوني رياضي في الأندية لمراجعة العقود والإشراف على الالتزامات القانونية.
  • قائمة المراجع النظامية والمصادر
  1. لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين وانتقالاتهم، الصادرة من الاتحاد السعودي لكرة القدم لعام (2025م).
  2. لائحة غرفة فض المنازعات، الصادرة من الاتحاد السعودي لكرة القدم لعام (2023م).
  3. النظام الأساسي لمركز التحكيم الرياضي السعودي لعام (2023م).
  4. المصاروة، هيثم. (2017م)،”التزامات نادي كرة القدم في مواجهة اللاعبين المحترفين: دراسة تحليلية في لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين وانتقالاتهم في السعودية”, مجلة العلوم القانونية والسياسية، 16: 122-133.
  5. بن حليمة، بومدين. (2021م) ” النظام القانوني لعقد احتراف لاعب كرة القدم -دراسة مقارنة-“، جامعة ابن خلدون، كلية الحقوق والعلوم السياسية.
  6. حسين، نورهان. (2023م)، ” عقد الاحتراف الرياضي السعودي بين تكوينه وطبيعته”، المجلة القانونية الاقتصادية، 44: 102-115.

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *