المسؤولية النظامية لمؤثّري وسائل التواصل الاجتماعي في المحتوى الإعلاني: دراسة تحليلية من منظور المتهم في ضوء التنظيمات الجديدة
تمهيد: نشأة ظاهرة المؤثرين كقوة تسويقية في المملكة
شهدت المملكة العربية السعودية خلال العقد الأخير تحوّلًا جوهريًا في سلوك المستهلكين وآليات التفاعل مع المنتجات والخدمات، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أحد أهم المنصّات التي يعتمد عليها الأفراد في اتخاذ القرارات الشرائية، بعد أن كان الإعلان التقليدي يتسيّد السوق بأغلب وسائله المعروفة.
ومع هذا التحول الرقمي الواسع، ظهر ما يُعرف اليوم بـ”المؤثرين”، وهو وصف يطلق على الأشخاص الذين يمتلكون قدرة على التأثير في سلوك الجمهور، سواء من خلال خبراتهم أو شهرتهم أو حضورهم الرقمي.
ومع ازدياد هذه القوة، أصبح المؤثرون جزءًا من المنظومة الاقتصادية والتسويقية، وأصبحت إعلاناتهم محركًا مهمًا للاقتصاد الرقمي.
لكن دخول المؤثرين لسوق الإعلان خلق إشكالات جديدة، أهمها:
- غياب إطار تنظيمي واضح سابقًا
- تضارب في تحديد المسؤوليات
- تباين في فهم المؤثرين لمتطلبات الإعلان النظامي
- تحميل المؤثر مسؤوليات تتجاوز دوره التجاري أحيانًا
وهذه الإشكالات دفعت الجهات التنظيمية إلى تطوير منظومة متكاملة لضبط هذا النشاط المستحدث.
أهمية البحث
تنبع أهمية هذا البحث من عدة نواحٍ:
- التغيّر الكبير في التنظيمات: مع صدور لائحة تنظيم الإعلانات وتحديثات منصة “موثوق”، تغيّر مفهوم المسؤولية على المؤثر جذريًا.
- غياب الوعي النظامي لدى الكثير من المؤثرين: مما يعرضهم للعقوبة دون قصد.
- الفراغ البحثي: حيث قلّت الدراسات التي تتناول الموضوع من منظور “المتهم ـ المؤثر”، وليس من منظور الرقابة فقط.
- الحاجة لعدالة نظامية: بحيث لا يتحمل المؤثر عبئًا قانونيًا أكبر من دوره الحقيقي.
مشكلة البحث
تتمثل مشكلة البحث في الإجابة على السؤال الآتي:
إلى أي مدى يمكن تحميل المؤثر المسؤولية النظامية عند نشر محتوى إعلاني؟ وهل يملك المؤثّر دفوعًا قانونية تحميه من التجريم أو العقوبة في ضوء التنظيمات الجديدة؟
مناهج البحث
- التحليل النظامي: تفسير الأنظمة واللوائح المنظمة للإعلانات.
- التحليل المقارن: مقارنة مع تجارب خليجية مشابهة.
- التحليل التطبيقي: دراسة حالات عملية توضح كيفية تطبيق العقوبات على المؤثرين.
حدود وأهداف البحث
يركّز البحث على:
- المؤثرين الأفراد وليس الشركات.
- المحتوى الإعلاني فقط وليس المحتوى العام.
- المسؤولية النظامية ضمن الأنظمة السعودية فقط.
ويهدف إلى:
- توضيح مخاطر النشر الإعلاني.
- تحليل المسؤولية.
- تقديم حلول ودفوع نظامية تحمي المؤثر.
الفصل الأول: الإطار المفاهيمي والتنظيمي
المبحث الأول: تعريف المؤثر والعلاقة التسويقية
أولًا: تعريف المؤثر في السياق السعودي
لا يوجد تعريف قانوني مكتوب بشكل صريح تحت مسمى “المؤثر”، إلا أن الأنظمة واللوائح الحديثة قدّمت تعريفًا عمليًا يمكن استخلاصه، وهو:
“كل شخص يقوم بنشر محتوى إعلاني بمقابل مالي أو منفعة عبر منصّات التواصل الاجتماعي، وله تأثير ملموس على جمهور المتابعين”.
ويُفهم من هذا التعريف أن:
- وجود مقابل هو ما يحوّل المحتوى إلى “نشاط تجاري”.
- وجود جمهور متفاعل هو ما يجعله مؤثرًا.
- وجود محتوى معلن هو ما يجعله خاضعًا للتنظيمات.
ثانيًا: خصائص المؤثر التي تؤثر في المسؤولية
- عدم كونه جهة تجارية تقليدية:
المؤثر ليس منشأة، وليس لديه غالبًا إدارة قانونية أو خبرات نظامية.
- غياب الخبرة النظامية:
معظم المؤثرين لا يعلمون المتطلبات النظامية الدقيقة للإعلانات، خصوصًا المتطلبات المتغيرة.
- العلاقة المعقدة بينه وبين المعلن:
العلاقة تكون غالبًا شفوية أو مبسطة، وهو ما يصعّب إثبات النية.
ثالثًا: العلاقة بين المؤثر والمعلن ووكالة الإعلان
في الواقع العملي، هناك ثلاثة نماذج للعلاقة:
النموذج الأول: علاقة مباشرة بين المعلن والمؤثر
ويتضمن:
- طلب إعلان
- إرسال المواد
- نشر المحتوى
- استلام المقابل
وهنا يكون المؤثر أكثر عرضة للمسؤولية لغياب الوسيط.
النموذج الثاني: علاقة عبر وكالة إعلانية
الوكالة هي التي:
- تتعاقد
- توجه
- توفر النصوص
- تراجع
- تدفع المقابل
وهنا تكون المسؤولية موزعة بين ثلاثة أطراف، وليس المؤثر وحده.
النموذج الثالث: علاقة غير مباشرة
مثل:
- نشر هدية دون اتفاق مالي
- مشاركة تجربة شخصية
- مشاركة محتوى تلقائي
وهنا يكون الجدل حول: هل هذا إعلان أم تجربة شخصية؟
المبحث الثاني: التنظيمات السعودية الحديثة ذات العلاقة
أولًا: النظام الإعلامي واللوائح
أبرز النصوص المنظمة:
- نظام الإعلام المرئي والمسموع
- اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام
- لائحة تنظيم الإعلانات
- لائحة المحتوى الإعلاني
- تعاميم وزارة الإعلام حول المؤثرين
ثانيًا: منصة “موثوق” ومتطلبات الترخيص
أصبح الترخيص شرطًا إلزاميًا، ويشمل:
- رخصة سنوية
- الإفصاح عند كل إعلان
- عدم نشر محتوى مضلل
- عدم الإعلان عن منتجات محظورة
ويُعد عدم الحصول على الترخيص مخالفة مستقلة.
ثالثًا: المعايير النظامية الأساسية للمحتوى الإعلاني
- الإفصاح الإلزامي (Sponsored)
- عدم التضليل
- عدم الترويج لمنتجات محظورة
- عدم إخفاء العلاقة التجارية
- عدم مخالفة القيم والذوق العام
الفصل الثاني: صور المخالفات الإعلانية المؤثرة
يُعد هذا الفصل جوهر البحث؛ لأنه يحدد أنواع المخالفات التي قد يقع المؤثر في دائرتها، سواء كان ذلك بفعله المباشر، أو نتيجة جهل بالنظام، أو بسبب تحميله جزءًا من مسؤولية كان من المفترض أن تتحملها جهة أخرى مثل المعلن أو الوكالة التسويقية أو حتى المنصة الرقمية.
تنقسم المخالفات هنا إلى مجموعتين رئيسيتين:
- مخالفات تتعلق بالترخيص والنشاط التجاري
- مخالفات تتعلق بالمحتوى ذاته
المبحث الأول: المخالفات المتعلقة بالترخيص والنشاط التجاري
أولًا: الإعلان التجاري دون الحصول على ترخيص
مع إطلاق منصة “موثوق” وتحديث اللوائح المتعلقة بالإعلان، أصبح الترخيص شرطًا إلزاميًا لممارسة الإعلان التجاري عبر المنصات الرقمية. وبالتالي:
- أي مؤثر ينشر إعلانًا بمقابل مالي دون ترخيص، يعد مخالفًا.
- ويعتبر “المقابل” شاملًا للهدايا، المنتجات المجانية، الإقامة، السفر، أو أي منفعة.
وتكمن الإشكالية الكبرى هنا في أن كثيرًا من المؤثرين لا يميزون بين “التجربة المجانية” و”الهدايا ذات القيمة التجارية”، مما يوقعهم في المسؤولية دون قصد.
من زاوية المتهم (دفوع مهمة):
- إثبات أن المحتوى تجربة شخصية وليس إعلانًا.
- عدم وجود عقد أو مقابل مالي.
- عدم وجود نية إعلان أو علاقة تجارية.
- التأكيد على أن المنتج وصل كهديّة شخصية غير مشروطة.
ثانيًا: إشراك مؤثر غير سعودي أو زائر في إعلان دون الالتزام بالشروط
تمنع الأنظمة قيام غير السعوديين، خصوصًا الزائرين، بالظهور في إعلانات تجارية إلا وفق شروط محددة، أهمها ارتباطهم بجهة مرخصة أو كون الإعلان جزءًا من نشاطهم النظامي.
وتتكرر هذه المخالفة عندما يقوم مؤثر سعودي باستضافة مؤثر أجنبي لتنفيذ إعلان مشترك، دون الانتباه إلى أن النظام:
- يُحمّل المؤثر السعودي مسؤولية إضافية؛
- لأنه “سهّل” ممارسة نشاط غير مرخص لغير السعودي.
دفوع من زاوية المتهم:
- المؤثر الأجنبي نشر المحتوى من حسابه وليس من حساب السعودي.
- السعودي لم يتقاضَ مقابلًا عن ظهور الأجنبي.
- عدم علم السعودي بالصفة النظامية للضيف.
ثالثًا: ممارسة نشاط تجاري تحت تأشيرة زيارة أو تأشيرة مختلفة عن المهنة
تُعد من المخالفات الشائعة، وخصوصًا عند قدوم مؤثرين من الخارج للمشاركة في فعاليات أو حملات دعائية.
وهنا يكون العبء غالبًا على الجهة المنظمة، وليس على المؤثر السعودي.
المبحث الثاني: المخالفات النوعية في المحتوى
أولًا: المحتوى الإعلاني المضلل
يُعد التضليل أحد أخطر المخالفات، وتتحقق صورته عند قيام المؤثر بـ:
- الادعاء بميزات غير حقيقية للمنتج
- استخدام عبارات غير دقيقة مثل (أفضل، مضمون، مضمون ١٠٠٪)
- تقديم ادعاءات طبية دون ترخيص
- إخفاء العيوب
ويلزم هنا التفريق بين:
- التضليل المتعمد: ويتحقق بالقصد.
- التضليل غير المتعمد: مثل نقل معلومة خاطئة قدمها المعلن.
دفوع مهمة للمؤثر:
- الاعتماد على معلومات قدمتها الجهة المعلنة.
- عدم توافر نية خداع المستهلك.
- وجود نص إعلاني مكتوب مسبقًا من الوكالة.
ثانيًا: عدم الإفصاح عن كون المحتوى إعلانًا
تفرض اللوائح الإفصاح بوضوح عبر:
- كلمة “إعلان”
- أو “إعلان مدفوع”
- أو الإشارة التجارية المعتمدة
ويُعد عدم الإفصاح مخالفة حتى لو كان المؤثر قد أظهر المنتج بشكل غير مباشر.
مثال تطبيقي:
مؤثرة تنشر مقطع “روتين يومي” وتضع منتج العناية بالبشرة داخل المقطع دون الإفصاح، مع أنها تلقت المقابل من الشركة.
هنا تُعد مخالفة صريحة.
ثالثًا: الترويج لمنتجات محظورة أو تتطلب إذنًا مسبقًا
مثل:
- التبغ ومنتجاته
- الأدوية
- المستحضرات الطبية
- الأدوات المالية
- مكملات غذائية غير معتمدة
وهذه المخالفة قد تتحول إلى مسؤولية جسيمة إذا نتج عنها ضرر على المستهلك.
رابعًا: المخالفات المتعلقة بالذوق العام والقيم
مثل:
- استخدام موسيقى أو لقطات غير مناسبة
- إيحاءات مخالفة
- محتوى لا يتناسب مع قيم المجتمع
- عنف أو ألفاظ نابية
هذه المخالفات قد لا تكون “إعلانية بحتة”، لكنها تدخل ضمن المسؤولية الإعلامية.
الفصل الثالث: حدود مسؤولية المؤثر من منظور المتهم
هذا الفصل من أهم أجزاء البحث، لأنه يوضح:
- متى يُساءل المؤثر؟
- ومتى يُعفى؟
- وما الفرق بين الركن النظامي والركن المعنوي في المخالفة؟
المبحث الأول: الركن النظامي والركن المعنوي
أولًا: الركن النظامي (وجود فعل مخالف)
يتمثل في:
- عدم الإفصاح
- الإعلان دون ترخيص
- التضليل
- الإعلان لمنتج محظور
لكن مجرد تحقق الفعل لا يعني تحقق المسؤولية، لأن المسؤولية تتطلب قصدًا تجاريًا.
ثانيًا: الركن المعنوي (نية الإعلان)
لا يمكن معاقبة المؤثر إلا إذا ثبت:
- أنه نشر المحتوى بقصد تجاري
- وأنه تلقى مقابلًا
- أو أنه كان يعلم بكونه إعلانًا
وهنا تتولد دفوع قوية للمؤثر مثل:
- المحتوى ليس إعلانًا بل تجربة شخصية
- عدم وجود علاقة تجارية
- عدم علم المتهم بأن المنتج يحتاج ترخيصًا
ثالثًا: هل المؤثر “السري” مسؤول؟
ظهر مؤخرًا ما يسمى بـ”المؤثر الخفي” الذي ينشر إعلانات دون كشف هويته أو يشارك في حملات غير معلنة.
هنا تتعامل اللوائح مع القصد التجاري وليس الهوية، وبالتالي”
- إذا ثبت وجود مقابل مالي
فإن المسؤولية قائمة ولو لم يظهر اسمه.
المبحث الثاني: الأطراف ذات العلاقة وتوزيع المسؤولية
أولًا: المؤثر والمعلن
المعلن هو صاحب المنتج، وبالتالي:
- هو المسؤول عن الترخيص
- وهو المسؤول عن سلامة المنتج
- وهو المسؤول عن صحة المعلومات
ويحق للمؤثر الدفع بأن:
- المعلن قدّم له معلومات خاطئة
- الإعلان صيغ مسبقًا من قبل الوكالة
- المؤثر مجرد منفذ للعمل
ثانيًا: المؤثر والوكالة الإعلانية
الوكالة غالبًا:
- تكتب النص
- توافق على السيناريو
- تراجع المحتوى
- تتواصل مع المعلن
ومن ثم فإن مسؤوليتها لا تقل عن مسؤولية المؤثر.
ثالثًا: المؤثر والمنصة الرقمية
المنصة مسؤولة عن:
- إزالة المحتوى المخالف
- توفير أدوات الإفصاح
- حماية المستخدمين
وبالتالي لا يتحمل المؤثر وحده العبء
الفصل الرابع: الإشكاليات التطبيقية والوقائية
المبحث الأول: التحديات العملية أمام المتهم المؤثر:
أولًا: غموض معيار (المقابل)
- هل الهدية تعتبر مقابلًا؟
- هل السفر مدفوع؟
- هل تجربة مجانية تعتبر إعلانًا؟
هذا الغموض يسبب تضاربًا عند تطبيق العقوبة.
ثانيًا: عبء الإثبات
على الجهة الرقابية إثبات:
- المقابل
- العلاقة التجارية
- النية
- تضليل المستهلك
وفي كثير من الحالات يصعب إثبات ذلك.
ثالثًا: أثر اللوائح الجديدة على الحالات السابقة:
لا يجوز عادة تطبيق اللوائح بأثر رجعي، وهذا دفع المؤثرين لتقديم اعتراضات.
المبحث الثاني: مقترحات الوقاية والدفاع
أولًا: “عقد تأهيل المؤثر”
يتضمن:
- تحديد مسؤوليات المعلن
- حماية المؤثر من التضليل
- ضمانات قانونية
- التزام بالإفصاح المنضبط
ثانيًا: برامج التوعية
ضرورة وجود:
- أدلة إرشادية
- ورش عمل
- حملات توعوية حكومية
ثالثًا: تفعيل الإنذار الأولي بدل العقوبة الفورية
لأن الدور التوعوي أهم من الدور العقابي في بيئة جديدة مثل بيئة المؤثرين.
الخاتمة:
بعد تحليل الإطار النظامي والمخالفات وحدود المسؤولية، يتضح أن المؤثر جزء من منظومة التسويق، وأن تحميله المسؤولية بصورة منفردة لا يعكس الواقع ولا يحقق العدالة.
أبرز النتائج:
- المؤثر ليس جهة تجارية كاملة، ولا يمتلك الخبرة النظامية الكاملة.
- كثير من المخالفات تنتج عن جهل لا عن قصد.
- ضرورة توزيع المسؤولية بين:
- المعلن
- الوكالة
- المؤثر
- المنصة
- الحاجة لتمييز “التجربة الشخصية” من “الإعلان التجاري”.
التوصيات:
- وضع تعريف نظامي واضح للمؤثر.
- توحيد معايير الإفصاح.
- تخفيف العقوبات على المخالفات غير المتعمدة.
- تطوير منصة موثوق لتصبح أكثر وضوحًا للمؤثرين.
- إعداد عقود نموذجية لحماية المؤثرين.
المراجع:
- هيئة الإعلام المرئي والمسموع. (2023). لائحة تنظيم الإعلانات. المملكة العربية السعودية.
- هيئة الإعلام المرئي والمسموع. (2022). لائحة المحتوى الإعلاني وضوابطه. المملكة العربية السعودية.
- وزارة الإعلام. (2022). ضوابط استخدام المؤثرين في الإعلانات (موثوق). المملكة العربية السعودية.
- وزارة التجارة. (2021). دليل حماية المستهلك في الإعلانات الإلكترونية. المملكة العربية السعودية.
- الهيئة العامة للغذاء والدواء. (2022). ضوابط الدعاية والإعلان للمنتجات الصحية. المملكة العربية السعودية.
- عبدالعزيز، ر. (2023). المسؤولية القانونية للمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي (رسالة ماجستير). جامعة الملك سعود.
- Al-Mutairi, F. (2023). Influencer liability in digital advertising: A GCC perspective. Gulf Legal Review.
- OECD. (2022). Digital advertising transparency report. OECD Publishing


أكتب تعليقا