سلوكيات الأحداث: دراسة تحليلية للجرائم والعقوبات

2 أكتوبر, 2025

المقدمة:
المتهم بريء حتى تثبت إدانته، هل ينطبق هذا المبدأ حتى على الطفل؟، أم للأطفال قواعد ومبادئ أخرى يستلزم الوقوف عليها؟، أتى نظام الأحداث في المملكة العربية السعودية لتنظيم هذه الأحكام، ابتداءً من التعريف بهذه الفئة العمرية وصولاً إلى تنظيم كيفية التعامل معهم عند ارتكابهم أفعالاً مخالفة للأنظمة الدارجة، وعليه  فإن النظام لم يقف عند حدود إثبات الجريمة فحسب، بل رسم إطارًا متكاملًا يوازن بين مصلحة المجتمع في حفظ النظام وردع السلوكيات المنحرفة، وبين مصلحة الحدث في الحماية والإصلاح، إدراكًا من المنظم أن هذه الفئة العمرية ما زالت في طور التكوين، وأن انحرافها قد يكون وليد مؤثرات اجتماعية أو نفسية يمكن معالجتها، فجاء نظام الأحداث ليؤكد أن معاملة الطفل لا تبنى على مبدأ العقوبة وحده كما هو الحال مع البالغين، بل على أساس التوجيه والرعاية وإعادة التأهيل، بما يضمن تقويم سلوكه وتهيئته ليكون عنصرًا صالحًا في المجتمع.

كما حرص النظام على وضع ضمانات قضائية وإجرائية خاصة، أبرزها تنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة مع الأحداث، ومنع محاكمتهم مع البالغين، وضمان سرية بياناتهم وعدم نشرها حفاظًا على مستقبلهم، إضافة إلى أن التدابير المقررة بحقهم تتدرج بحسب جسامة الفعل المرتكب وعمر الحدث وقت ارتكابه، بحيث قد تقتصر على التوبيخ أو التسليم لولي الأمر أو المنع من ارتياد أماكن معينة، وقد تصل إلى الإيداع في دور الملاحظة الاجتماعية أو تطبيق عقوبات أشد إذا تجاوز الحدث سنًا معينة وارتكب أفعالًا جسيمة.

وبذلك يتضح أن المنظم السعودي لم يتعامل مع الحدث باعتباره مجرمًا كامل المسؤولية، وإنما بوصفه بحاجة إلى رعاية خاصة وضبط سلوكه وفق قواعد تحفظ له كرامته وتكفل له فرصة جديدة للاندماج في المجتمع، في توازن دقيق بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، وهذا هو موضوع بحثنا، الذي سنتناول فيه نظام الأحداث في المملكة العربية السعودية، من خلال بيان أسسه ومبادئه، والفئات التي يشملها، والضمانات التي وفرها. 

  • الفئة المستهدفة 
  1. الأحداث وأولياء أمورهم.
  2. الباحثون القانونيون والمهتمون بالأنظمة الجزائية.
  3. المؤسسات الإصلاحية والاجتماعية.
  • منهج البحث

نعتمد في هذه الدراسة على كل من المنهج الوصفي والتحليلي، كونهما الأكثر ملاءمة لتناول عنوانها، حيث يقوم المنهج الوصفي بعرض النصوص النظامية ذات الصلة، بينما يتيح المنهج التحليلي دراسة هذه النصوص وتحليلها لكشف مقصد المنظم وأهدافه، وصولاً إلى نتائج وتوصيات عملية تسهم في تطوير التطبيق وتحقيق العدالة. 

الفصل الأول: الإطار التعريفي لجرائم الاحداث

  • تعريف الأحداث قانونيًا.

لا يعتبر كل من لم يتم الثامنة عشرة في وصف الحدث، حيث أتى المنظم السعودي بتعريف صريح لمفهوم الحدث وذلك في المادة (1) من النظام بقولها:” كل ذكر أو أنثى أتم (السابعة) ولم يتم (الثامنة عشرة) من عمره.”

  • وبهذا يتضح بمفهوم المخالفة أن من هم دون السابعة من عمرهم يأتون في مفهوم الطفل، إذ المعيار واضح وهو تمام السن السابعة يأتي الطفل في وصف الحدث ويخاطب بأحكام نظام الأحداث السعودي.
  • ويفهم من ذلك أن المنظم السعودي ميز بين مرحلتين عمريتين أساسيتين: 
  1. مرحلة (ما دون السابعة)، حيث لا يسأل الطفل جنائيًا ولا يطبق بحقه أي تدبير جزائي، وإنما يترك أمر تربيته وتوجيهه لولي أمره.
  2.  ومرحلة الحدث (من السابعة حتى الثامنة عشرة)، وهي المرحلة التي يخاطب فيها الفرد بتدابير خاصة تختلف عن عقوبات البالغين.

بالتالي قد ميز المنظم السعودي بين مفهوم الحدث والطفل، حيث القاعدة تنص على أن ليس كل طفل حدث، إذ جاء نظام حماية الطفل، بتعريف الأخير بأنه:” كل إنسان لم يتجاوز عمره الثامنة عشرة من عمره”، وعليه، يكون الفارق الوحيد بين التعريفين الواردة في النظامين هو في بداية اعتبار الحدث مميزًا يستحق أن يخضع للمسؤولية الجزائية وذلك بتمامه السابعة من عمره. 

ومن زاوية أخرى أتى تعريفًا آخر للحدث الجائح (المنحرف) هو: ” هو الصغير الذي يقل عمره عن سن الثامنة عشرة من عمره، ويصدر ضده حكمًا من محكمة الأحداث، كونه ارتكب فعلاً معاقبًا عليه نظامًا”. 

  • الخصائص النفسية والسلوكية للأحداث وتأثيرها على ارتكاب الجرائم.

تأتي مرحلة الطفولة من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان، بها ينمو العقل البشري على تصورات وأمور يراها في هذه المرحلة، أو قد تكون قد ولد معها، تمثل في ذاتها انحرافًا واضحًا ظاهرًا للعامة من شخصيته وحديثه، وتبقى هناك خصائص وسمات نفسية وسلوكية يظهر بها الأحداث يمكن أن تؤثر على سلوكه حتى يصل به إلى ارتكاب الجرائم، نذكرها على النحو الآتي:

  • عدم القدرة على إقامة علاقات سوية مع الآخرين.
  • غياب الضمير والشفقة تجاه نفسه والآخرين.
  • الشعور بالتوتر والقلق المفرط.
  • تمني السوء والشر لمن حوله.
  • عدم الإحساس بالسعادة والراحة.
  • الانغماس مع أصدقاء السوء وتقليدهم.
  • أمثلة عن الجرائم الشائعة بين هذه الفئة.

تتعدد جرائم الأحداث وتختلف في نوعيتها عن تلك التي ترتكب من البالغين، حتى في طريقة ارتكابها، إذ كثير ما يقدم الأحداث إلى ارتكاب جرائم تمثل نقصًا يريدون إشباعه، حقدًا يتمنون زواله، وهكذا، فنرى في طائفة منهم اشتهر لديهم السرقة، ومنهم من يقدم على العنف ويراه الحل الأمثل في حل مشاكله، أو الإساءة لمن حوله.

 مما قد تصل بهم هذه السلوكيات للوصول إلى وصف المخالفة القانونية أو إلى حد الجريمة، سواء كان بقصد أو دونه، ومن ذلك نذكر الآتي:

  • الإساءة للأخرين والتشهير بهم عبر الوسائل الإلكترونية.
  • تخريب ممتلكات عامة أو خاصة.
  • الهروب من المنزل.
  • التنمر الإلكتروني.
  • الاتجار بالمخدرات.

الفصل الثاني: التأصيل النظامي

  • الأسس القانونية في السعودية المتعلقة بالأحداث

يأتي نظام الأحداث في المملكة العربية السعودية بمثابة التأصيل النظامي الذي يعنى في تنظيم أحكام الأحداث ومسائلهم، حيث أتت النصوص في النظام بتعريف الحدث ومدى إمكانية محاسبته جزائيًا وما تتوالى من إجراءات جزائية أخرى نذكرها على النحو الآتي: 

  1. المسؤولية الجزائية:

 نصت المادة (2) من نظام الأحداث على:” لا يساءل جزائيًّا من لم يتم (السابعة) من عمره، وقت ارتكاب الفعل المعاقب عليه.”، بناءً على هذا النص فأن المعيار الذي تبناه المنظم السعودي في تحديد مدى إمكانية مساءلة الطفل هو معيار العمر، بالتالي من هم من دون السابعة لا يمكن محاسبتهم جزائيًا وقت ارتكابهم للفعل المعاقب عليه. 

  1. صحة إجراء التبليغ:

يكون إبلاغ الحدث عن طريق ولي أمره أو من يقوم مقامه، حيث نصت المادة (6) من نظام الأحداث على:” في جميع الأحوال لا يكون إجراء تبليغ الحدث صحيحاً إلاَّ إذا بُلّغ ولي أمره أو من يقوم مقامه”.

  • المبادئ العامة في السعودية المتعلقة بالأحداث

أتى المنظم السعودي بمجموعة من المبادئ العامة تتعلق بالأحداث، في مقدمتها مبدأ حماية القاصر بوصفه ناقص الأهلية، الأمر الذي يقضي معاملته معاملة خاصة لا تساويه بالبالغين من حيث المسؤولية والعقوبة.

 كما يبرز مبدأ الإصلاح والتأهيل بوصفه هدفًا أصيلًا، إذ تعطى الأولوية للتدابير الإصلاحية والاجتماعية والنفسية على حساب العقوبات الصارمة، وذلك لضمان إعادة دمج الحدث في المجتمع بصورة سليمة، ويأتي اعتبار إصلاح الحدث فوق حماية حريته الفردية، ومن ذلك إلزامه بالتعليم أو إيداعه في دار للإصلاح وجميع ذلك يأتي من منطلق حمايته.

  ويواكب ذلك مبدأ السرية الذي يحكم إجراءات محاكمة الأحداث، حمايةً لهم، فضلًا عن مراعاة المصلحة الفضلى للحدث في جميع الإجراءات القضائية والإدارية المتخذة بحقه.

  • السياسات المتعلقة بالإصلاح والتأهيل الاجتماعي.

من منطلق الهدف الرئيسي لنظام الأحداث الذي ينص على العدالة الإصلاحية بدل العقابية، ولكون الأحداث يعتبرون فئة يشوبها الضعف تستحق الحماية، ومن هذا المنطلق تنص القاعدة في المملكة العربية السعودية على لا سجن للحدث، حيث نصت المادة (15) من نظام الأحداث على:

 1- إذا لم يكن الحدث متمًّا (الخامسة عشرة) من عمره وقت ارتكابه فعلاً أو أفعالاً معاقباً عليها، فلا يفرض عليه سوى تدبيرٍ أو أكثر من التدابير الآتية:

أ) توبيخه وتحذيره.

ب) تسليمه لمن يعيش معه من الأبوين أو لمن له الولاية.

ج) منعه من ارتياد أماكن معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات.

د) منعه من مزاولة عمل معين.

هـ) وضعه تحت المراقبة الاجتماعية في بيئته الطبيعية لمدة لا تتجاوز سنتين.

و) إلزامه بواجبات معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات.

ز) الإيداع في مؤسسة اجتماعية أو علاجية لمدة لا تتجاوز سنة، بشرط أن يكون متمًّا (الثانية عشرة) من عمره وقت ارتكابه الفعل المعاقب عليه.

2- إذا كان الحدث متمًّا (الخامسة عشرة) من عمره وقت ارتكابه فعلاً أو أفعالاً معاقباً عليها فتطبق عليه العقوبات المقررة عدا عقوبة السجن؛ فيعاقب بالإيداع في الدار مدة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة الأعلى المقررة لذلك الفعل ودون التقيد بالحد الأدنى لتلك العقوبة. وأما إذا كانت الجريمة مما يعاقب عليه بالقتل، فيعاقب بالإيداع في الدار مدة لا تتجاوز عشر سنوات.

أما إن كان عمر الحدث بين (15-18) سنة، فقد يخضع لتدبير أشد، مثل الإيداع في دار الملاحظة الاجتماعية (التابع لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية)، إذ تعتبر بدورها مؤسسة تعنى بالرعاية والتأهيل والتعليم، ينظم أحكامها اللائحة التنفيذية لدور الأحداث، حيث نصت المادة (2) من ذات اللائحة على:” تختص الدار برعاية وتأهيل الأحداث الموقوفين أو المحكوم عليهم بالإيداع”, وذلك بتوفير أماكن مستقلة لإيداع كل من الذكور والإناث أو توقيفهم.

كما تقدم دار الملاحظة الاجتماعية للحدث مجموعة من الخدمات الأساسية التي تهدف إلى رعايته وتأهيله اجتماعيًا ونفسيًا، بما في ذلك توفير وجبات غذائية متوازنة، وضمان التعرض الكافي لأشعة الشمس والهواء الطلق، وتوفير فراش فردي صحي للحفاظ على راحته الجسدية، بالإضافة إلى الالتزام بحفظ كرامته وحقوقه الشخصية أثناء إقامته، بما يتوافق مع المبادئ الإنسانية والقانونية لحماية القاصر، استنادًا للمادة 9-10-11 من ذات اللائحة.

الفصل الثالث: الإشكالية القانونية في جرائم الأحداث

  • صعوبة إثبات الجرائم المرتكبة من قبل الأحداث.

في ظل تعدد وسائل الإثبات في النظام السعودي، بدايةً من الإقرار واليمين، وصولاً إلى شهادة الشهود والكتابة حتى القرائن وحجيتها، ويبقى الإثبات في جميع الجرائم ذو صعوبة، لا سيما في الجرائم من قبل الأحداث، وذلك نظرًا لطبيعتها، من حيث مرتكبيها وسلوكياتهم النفسية، واختلاف وقائعها عن تلك التي ترتكب من البالغين.

ومن هذا المنطلق نص المنظم السعودي على إجراءات التحقيق مع هذه الفئة وضوابطها، بالإضافة إلى إجراءات محاكمتهم، الأمر الذي يتضح به أن مسائلة الإثبات في الجرائم التي ترتكب من الأحداث ينطبق عليها أحكام القانون السعودي في أحكامه العامة، بالإضافة على عدم وجود قضاء خاص بالأطفال كما هو الحال في القضاء الفرنسي، إلا أنه في بعض المسائل تتسم هذه الجرائم في أمورها ببعض الخصوصية. 

علاوةً على ذلك، فأنه في إجراءات القبض على الحدث فأنه الأصل في هذا الإجراء خضوعه للإجراءات الجزائية حيث نصت المادة لمادة (22) من نظام الأحداث على:” فيما لم يرد فيه نص في النظام، تطبق أحكام نظام الإجراءات الجزائية على الحدث، وذلك بالقدر الذي لا يتعارض مع وضعه بوصفه حدثاً.

 علاوةً على أنه نص نظام الأحداث خص بعض الإجراءات القانونية بحث الأحداث ببعض الأحكام ويظهر ذلك في المادة (5) بقولها:” 

  1. يراعى عند القبض على الحدث في حالات التلبس إبلاغ ولي أمره فوراً أو من يقوم مقامه.
  2. أما في غير حالات التلبس فيراعى حال الحدث، وأن يكون القبض عليه بحضور ولي أمره أو من يقوم مقامه أو مندوب من الدار أو بما يمنع الخلوة أو الانفراد به، ويحاط الحدث وولي أمره أو من يقوم مقامه بالتهمة المنسوبة إليه، وتحدد اللائحة إجراءات القبض.
  • التحديات في تحديد المسؤولية الجنائية لهذه الفئة العمرية.

رأينا أن مسؤولية الطفل الجنائية لا تقوم إلا ببلوغه سن معين، إلا في هذا النوع من الجرائم التحديات تظل باقية ومستمرة، ومنها: 

  1. التمييز بين الحدث والشخص البالغ، وذلك عند عم وجود أوراق رسمية.
  2. قدرة الحدث على التمييز والإدراك، حيث قد يقدم على فعل يعاقب عليه القانون دون إدراك كامل منه لآثاره وعواقبه، وهو ما يطرح إشكالية حول نضجه العقلي الذي يمكن معه مساءلته جزائيًا.
  3. البيئة الاسرية والاجتماعية وأثرها حول مسؤولية الحدث الشخصية مقارنةً بمسؤولية من دفعه للفعل.
  • التوازن بين حماية الحدث ومحاسبته على أفعاله.

يبقى مبدأ التوازن بين حماية القاصر ومحاسبته على أفعال من أهم المبادئ التي تفرضها طبيعة هذه الجرائم، فمن ناحية ضرورية تتطلبها العدالة أن يعاقب كل شخص على فعله مهما كانت ظروف دعواه، إلا أن في جرائم الأحداث فأن العدالة تستدعي أيضًا توفير حماية خاصة للأحداث دون تعرضه لعقوبات كتلك التي يتعرض لها البالغون، وذلك ما تبناه المنظم السعودي حيث نص على تدابير إصلاحية وتأهيلية( كما سيأتي بيانه) تراعي مصلحة الحدث وتساعده على الاندماج مع المجتمع, وذلك من منطلق ازدواجية المبدأ مع مفهوم يبقى احترام النظام العام والمصلحة العامة وحمايتها فوق أي اعتبار.

الفصل الرابع: السوابق القضائية في جرائم الأحداث

  • استعراض بعض الأمثلة المتعلقة بالأحداث.

 نذكر بعض الأمثلة المتعلقة بالأحداث، التي تعتبر من بداية السير في المحاكمة فيها ذات سرية تامة، بالإضافة إلى تدرجها من حيث الجسامة، فنرى تارةً في قضية قد قصد فيها الحدث التخطيط والتنفيذ، وتارةً أخرى حدث آخر أخطأ وكان فعله دون إدراك منه، من بين هذه الأمثلة:

  • قضية قتل خطأ: حدث يبلغ من العمر 16 عامًا تسبب عن طريق الخطأ في وفاة شخص أثناء قيادته سيارة دون رخصة، فقامت المحكمة بتطبيق تدابير إصلاحية بدلاً من عقوبة السجن، من ضمنها حضور برامج توجيهية ووضعه تحت المراقبة.
  • قضية سرقة: حدث عمره 14 عامًا تورط في سرقة متجر، فقررت المحكمة إيداعه في دار الملاحظة الاجتماعية وإلزامه بخدمة مجتمعية مع تقديم تقارير دورية عن حالته.

وتظهر هذه الأمثلة كيفية مراعاة النظام السعودي للحدث وظروفه، مع التركيز على التدابير الإصلاحية والتأهيلية بدلاً من العقوبات الصارمة، حفاظًا على مستقبل هذه الفئة الخاصة.

  • تحليل كيفية تطبيق القانون والعقوبات على الأحداث.

يتضح من نظام الأحداث السعودي أن الهدف الرئيسي من سن هذا النظام هو السعي إلى إصلاح هذه الفئة قبل معاقبتهم، وتحديد مدى قيام مسؤوليتهم الجنائية من عدمها، وتنظيم إجراءات الإيقاف والتحقيق معهم، حيث نص النظام في عدة مواد على ذلك نذكرها على النحو الآتي: 

  1. إجراء القبض: نصت المادة (6): في جميع الأحوال لا يكون إجراء تبليغ الحدث صحيحاً إلاَّ إذا بُلّغ ولي أمره أو من يقوم مقامه.
  2. الأصل ألا يجوز إيقاف الحدث بأي حال من الأحوال إلا في حالات استثنائية وهي: نصت المادة (7) على: لا يجوز إيقاف الحدث لغرض التحقيق؛ ما لم ترَ النيابة أن المصلحة تقتضي إيقافه، وفي جميع الأحوال لا يوقف الحدث إلا في الدار، ويكون أمر الإيقاف مسبباً.
  1. سماع أقوال الأحداث: نصت المادة (10) على: يسمع رئيس جهة الضبط أو من ينيبه أقوال الحدث -في الأماكن التي ليس فيها دار- بحضور ولي أمره أو من يقوم مقامه، أو مندوبٍ من الوزارة أو بما يمنع الخلوة أو الانفراد به، وتحال الأوراق إلى النيابة، ويسلم الحدث لولي أمره أو من يقوم مقامه بعد أخذ التعهد عليه بإحضاره عند الطلب، ما لم ترَ النيابة خلاف ذلك.
  2. محاكمة الحدث: نصت المادة (14) على: تجرى محاكمة الحدث أمام المحكمة بحضوره وولي أمره أو من يقوم مقامه، فإن تعذر ذلك فمندوب من الدار، وذلك دون الإخلال بحق الحدث في الاستعانة بمحامٍ وفق الأحكام المقررة نظاماً.
  3. وللمحكمة -بناء على طلب مَنْ له مصلحة- أن تسمح بعدم حضور الحدث أو ولي أمره أو من يقوم مقامه للمحاكمة، ويكتفى بحضور من يمثله وتعد المحاكمة حضورية في حقه.
  4. وهكذا يتضح أن الإجراءات القانونية مع الأحداث تختلف بطبيعتها عن تلك التي تطبق على البالغين، وذلك لكونهم الطرف الأضعف والأجدر بالحماية. 
  • دروس مستفادة من قضايا الأحداث في فهم التحديات القانونية والإثبات.

تعتبر قضايا الأحداث من القضايا التي تتسم بطبيعة خاصة وسمة قانونية معقدة، كونها ترتكب من فئة عمرية يصعب تحليل سلوكهم ومعرفة أفكارهم بالشكل السليم، إلا أنه يمكن تلخيص أبرز الدروس المستفادة من قضاياهم على النحو الآتي: 

  1. أهمية مراعاة سن الحدث والنضج العقلي: تحديد مسؤولية الحدث يعتمد على العمر ومستوى الإدراك، مما يجعل تقدير قيام اركان جريمة ما أكثر تعقيدًا من تلك الجرائم التي ترتكب من البالغين. 
  2. تركيز النظام على التدابير الإصلاحية والتأهيلية: أكدت كافة التشريعات والاتفاقيات الدولية بأن العقوبات التقليدية ضررها أكبر على الحدث، وأن التدابير التأهيلية والرقابية توفر حماية مجتمعية وتقلل من احتمال تكرار الجريمة وذلك بإعادة تقويم سلوك الأحداث.
  3. ضرورة حماية حقوق الحدث وخصوصيته: حيث تتسم إجراءات محاكمة الأحداث بالسرية التامة، وحقه في الاستعانة بمحامي، أو حضور ولي أمره في جميع الإجراءات القانونية، كل هذه الأمور وجدت لضمان محاكمته بصورة عادلة دون الإضرار بمستقبله. 

الفصل الخامس: العقوبات

  • أنواع العقوبات المطبقة على الأحداث 

تقتضي المصلحة العامة تأديب الأحداث بتعزيرهم وتطبيق العدالة عليهم من حيث تناسب الجريمة والعقوبة، ويأتي ذلك من أهمية دفع فساد الأحداث للحفاظ على مصلحة المجتمع وأمانه، إلا ان العقوبات الموقعة على الحدث ذات طبيعة خاصة، وما شرعت إلا لهدف إعادة تأهيلهم وإصلاحهم، من خلال معالجة أسباب انحرافهم ووضع طرق كفيلة للحد منها.

ولما كانت العقوبات يقصد منها زجر وردع مرتكب الجريمة، والحدث غير كامل الإدراك، فلن تؤدي العقوبات مقصدها عليه إذا وقعت في حقه، بالتالي أقرت الشريعة الإسلامية تأديب الحدث بتعزيره تاركة ذلك للسلطة المختصة بحسب نوع الجرم المرتكب من قبل الأحداث، ومن هذا المنطلق، أتى نظام الأحداث السعودي بالنص على التدابير الاحترازية التي تطبق على الأحداث بقصد إصلاحهم بدلاً من إيقاع العقوبات الصارمة عليهم، وذلك في نص المادة (15) بقولها:

1- إذا لم يكن الحدث متمًّا (الخامسة عشرة) من عمره وقت ارتكابه فعلاً أو أفعالاً معاقباً عليها، فلا يفرض عليه سوى تدبيرٍ أو أكثر من التدابير الآتية:

أ) توبيخه وتحذيره.

ب) تسليمه لمن يعيش معه من الأبوين أو لمن له الولاية.

ج) منعه من ارتياد أماكن معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات.

د) منعه من مزاولة عمل معين.

هـ) وضعه تحت المراقبة الاجتماعية في بيئته الطبيعية لمدة لا تتجاوز سنتين.

و) إلزامه بواجبات معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات.

ز) الإيداع في مؤسسة اجتماعية أو علاجية لمدة لا تتجاوز سنة، بشرط أن يكون متمًّا (الثانية عشرة) من عمره وقت ارتكابه الفعل المعاقب عليه.

2- إذا كان الحدث متمًّا (الخامسة عشرة) من عمره وقت ارتكابه فعلاً أو أفعالاً معاقباً عليها فتطبق عليه العقوبات المقررة عدا عقوبة السجن؛ فيعاقب بالإيداع في الدار مدة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة الأعلى المقررة لذلك الفعل ودون التقيد بالحد الأدنى لتلك العقوبة. وأما إذا كانت الجريمة مما يعاقب عليه بالقتل، فيعاقب بالإيداع في الدار مدة لا تتجاوز عشر سنوات.

3- للمحكمة أن تحكم على الحدث الذي ارتكب فعلاً أو أفعالاً معاقباً عليها وهو متم (الخامسة عشرة) من عمره بتدبيرٍ أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة، إذا رأت من أخلاقه أو ماضيه أو ظروفه الشخصية أو الظروف التي ارتكب فيها الفعل أو الأفعال المعاقب عليها أنه لن يعود إليها.

4ـ تكلف المحكمة من تراه من الجهات التنفيذية لمتابعة تنفيذ التدبير أو التدابير المحكوم بها على الحدث.

5ـ يجوز للمحكمة في أي وقت فرضُ تدبيرٍ -أو أكثر- أو إنهاؤه، أو إبدال آخر به.

  • مقارنة بين العقوبات التقليدية والعقوبات الإصلاحية.
  1. العقوبات التقليدية:
  • تُركز على العقاب المباشر مثل السجن أو الحرمان من الحقوق.
  • في حالة الأحداث المتمين الخامسة عشرة من عمرهم، يستبعد السجن كعقوبة، وستبدل بالإيداع في دار اجتماعية أو علاجية، مع تحديد أقصى مدة زمنية، مثل: نصف الحد الأقصى للعقوبة أو عشر سنوات إذا كانت الجريمة قتلًا.

الهدف من العقوبة التقليدية عادةً يكون ردع الحدث أو المجتمع، لكنها لا تراعي دائمًا إمكانيات إعادة الدمج الاجتماعي للحدث.

  1. التدابير الإصلاحية:

تهدف إلى توجيه الحدث وإصلاح سلوكه بدلاً من العقاب الصارم، وتطبق على جميع الأحداث سواء كانوا أقل أو أكثر من الخامسة عشرة، وتشمل التدابير الإصلاحية:

  • التوبيخ والتحذير.
  • تسليمه لولي أمره.
  • منعه من أماكن أو أعمال معينة.
  • المراقبة الاجتماعية في بيئته الطبيعية.
  • الإيداع في مؤسسة اجتماعية أو علاجية لفترات محددة.
  • تتميز هذه التدابير بالمرونة، حيث يمكن للمحكمة تعديلها أو إنهاؤها أو استبدالها بحسب سلوك الحدث وظروفه الشخصية.
  1. الإفراج المشروط للحدث:

يسمح المنظم السعودي بالإفراج المشروط متى ما أمضى الحدث مدة لا تقل عن المدة المحكوم بها عليه، حيث نصت المادة (20) على:

1ـ يجوز للمحكمة -بقرار مسبب- من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب الحدث أو ولي أمره أو من له مصلحة؛ الإفراجُ المشروط عن الحدث المحكوم عليه بالإيداع، وذلك بشرط أن يكون الحدث قد أمضى مدة لا تقل عن ربع المدة المحكوم بها عليه.

2ـ إذا أخلَّ الحدث بما اشتُرط عليه عند الإفراج عنه وفق ما ورد في الفقرة (1) من هذه المادة قبل انتهاء المدة المحكوم بها عليه، فيعاد إلى الدار؛ ليمضي المدة الباقية من الحكم.

  • أثر العقوبات على السلوك المستقبلي للحدث.

لما كان الهدف الرئيسي من العقوبات هو ردع المتهم، فإن تطبيقها على القاصر يختلف من حيث الأثر؛ إذ إن العقوبات التقليدية قد تولد لديه شعورًا بالعزلة والعدوانية مما يزيد احتمالية عودته للجريمة، بينما التدابير الإصلاحية والتأهيلية التي تسهم في تهذيب سلوكه وإعادة دمجه في المجتمع بصورة إيجابية، وبذلك يتحقق مبتغى لمنظم وهو الردع مع حماية مستقبل الحدث والمصلحة العامة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك في النظام السعودي، أن الأحداث لا يسجل عليهم قطعًا سوابق جنائية، حيث نصت المادة (19) من نظام الأحداث على: “تسجل الأحكام الصادرة في حق الحدث في سجلٍّ خاص لدى الدار ولا تسجل عليه سابقة.” 

الفصل السادس: الأثر النظامي والاقتصادي

  • تأثير جرائم الأحداث على المجتمع والنظام القضائي.

لما كانت جرائم الأحداث من الجرائم المعقدة في وقائعها، الحساسة في حيثياتها، المتعددة في أساليبها، تحمل أثرًا بالغًا على المجتمع وتزعزع أمنه، إذ إن ارتكاب الحدث للجريمة لا ينظر إليه فقط باعتباره سلوكًا مخالفًا للنظام العام، بل يعد أيضًا مؤشرًا على وجود خلل في البيئة الاجتماعية والتربوية التي نشأ فيها الحدث. حيث تؤدي هذه الجرائم إلى تهديد الأمن والاستقرار، فضلًا عن تكريس أنماط سلوك منحرفة قد تنتقل إلى أقرانهم، مما يفاقم الظاهرة على المدى البعيد.

ومن زاوية أخرى، تعتبر جرائم الأحداث من الجرائم التي تتطلب إجراءات قانونية دقيقة وسليمة تحقق العدالة وتحمي موقف الحدث، بالتالي يتطلب النظام القضائي مراعاة عمر الجاني، حيث نص نظام الأحداث على قواعد خاصة تتناسب مع الحدث عند التحقيق معه أو محاكمته، نذكرها على النحو الآتي:

  • التحقيق مع الحدث: نصت المادة (11) على: لا تحقق النيابة مع الحدث إلاَّ بحضور ولي أمره أو من يقوم مقامه، أو باحث، أو أخصائي اجتماعي، أو بحضور محامٍ له، ويكون التحقيق داخل الدار. وإن اقتضت مصلحة التحقيق غير ذلك فيكون التحقيق في مكان آخر يتناسب مع عمر الحدث، وتحدد اللائحة الإجراءات والضوابط اللازمة.
  • محاكمة الحدث: نصت المادة (14) على:
  •  تجرى محاكمة الحدث أمام المحكمة بحضوره وولي أمره أو من يقوم مقامه، فإن تعذر ذلك فمندوب من الدار، وذلك دون الإخلال بحق الحدث في الاستعانة بمحامٍ وفق الأحكام المقررة نظاماً.
  • وللمحكمة -بناء على طلب مَنْ له مصلحة- أن تسمح بعدم حضور الحدث أو ولي أمره أو من يقوم مقامه للمحاكمة، ويكتفى بحضور من يمثله وتعد المحاكمة حضورية في حقه.

وهكذا يجب على النظام القضائي تحقيق توازن دقيق بين حماية المجتمع وضمان إعادة تأهيل الحدث ليكون فردًا صالحًا.

  • الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن جرائم الأحداث.

لما كان الهدف الرئيسي الذي يقصده المنظم السعودي هو إصلاح الحدث في المقام الأول، بدلاً من معاقبته بشكل صارم، فأن ذلك يتطلب العمل على الحد من هذه الجرائم بشكل كبير، وذلك بتطوير السياسات المتخذة في دور الملاحظة الاجتماعية للأحداث بشكل مستمر، مما قد يشكل عبئًا اقتصاديًا إلا أن ذلك يفرضه النظام العام واستقراره.

وفي المملكة العربية السعودية نلاحظ ذلك بشكل واضح، حيث نصت اللائحة التنظيمية لدور الملاحظة الاجتماعية للأحداث على توفير برامج متكاملة تشمل الرعاية التربوية والنفسية والصحية، إلى جانب التعليم والتدريب المهني، بما يضمن إعادة تأهيل الحدث وتمكينه من الاندماج في المجتمع بصورة طبيعية، كما أكدت اللائحة على ضرورة إشراك الأسرة في الخطة الإصلاحية، واعتبارها شريكًا رئيسيًا في معالجة السلوك المنحرف، وذلك إدراكًا من المنظم السعودي بأن إصلاح الحدث لا يكتمل إلا من خلال بيئة أسرية واجتماعية سليمة تدعمه بعد خروجه. 

وذلك يظهر في نص المادة (2) من ذات اللائحة حيث نصت على أن تختص الدار برعاية وتأهيل الأحداث الموقوفين أو المحكوم عليهم بالإيداع، على أن يكون هناك مؤسسة خاصة برعاية الفتيات، تعنى بالآتي:” بتحقيق أسس الرعاية والتقويم الاجتماعي وتقوية الوازع الديني والعمل على تحقيق الرعاية الصحية والتربوية والتعليمية والتدريبية السليمة للفتيات الجانحات اللاتي يحتجزن رهن التحقيق أو المحاكمة وكذلك اللاتي يقرر القاضي بقاءهن في المؤسسة ممن تقل أعمارهم عن ثلاثين سنة”.

وكذلك نصت المادة (15) من اللائحة التنظيمية لدور الأحداث بأن على الدار تنظيم برامج وأنشطة لتوفير احتياجات الحدث بما يحقق التأهيل السليم له وتنميته، وتشمل هذه البرامج والأنشطة ما يلي:

  1.  توعيته بأصول الدين وذلك من خلال إقامة الحلقات القرآنية والدروس والمحاضرات وغيرها من الأنشطة، وذلك

بعد التنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.

  1. تهيئته وتأهليه للاندماج الاجتماعي من خلال إقامة الجلسات الإرشادية الفردية والجماعية، ومعالجة السلوكيات

الخاطئة، واكتشاف الميول والاتجاهات، تمهيداً لإعداد الخطة العلاجية اللازمة في ضوء ذلك من قبل الأخصائي

الاجتماعي.

3- إعادة تأهيل من تعرض للإيذاء أو الإهمال.

  1. تمكينه من مواصلة تعليمه، ولا يجوز أن يدون في شهادته أو أي مستند تعليمي أو تدريبي يصدر من المدارس أو

المعاهد داخل الدار ما يشير إلى أنه كان مودعاً بها.

  1.   إكسابه الثقافة العامة والعادات السليمة، وذلك من خلال البرامج الثقافية والرياضية، والمحاضرات التوعوية.
  2. إقامة برامج لممارسة هواياته وتنمية مهاراته وشغل وقت فراغه بما يعود عليه بالنفع والفائدة، وتدريبه على

أعمال أو مهن أو حرف مناسبة لإعداده وتأهيله.

  1.  إتاحة الفرصة له لمشاهدة القنوات الفضائية التي تعود عليه بأثر حميد في أوقات محددة.
  • أهمية الاستثمار في برامج التأهيل للحد من تكرار الجرائم.

تكمن أهمية الاستثمار في برامج التأهيل الخاصة بالأحداث في الحد من تكرار الجرائم والوقوف على مسببات الانحراف الشائعة لدى الأحداث، والعمل على الوقوف عليها وأخذ الحيطة منها، من خلال توعية المجتمع على أهمية احتواء الطفل وتقويم سلوكياته بشكل مستمر وعدم إهماله أو مقارنته مع الآخرين، بما يضمن تنشئته في بيئة أكثر استقرارًا ودعمًا، وتعزيز اندماجه كفرد صالح في المجتمع.

كما أن الاستثمار في هذه البرامج يعد استثمارًا استراتيجيًا طويل المدى، لأنه يساهم في خفض معدلات الجريمة بشكل عام، ويخفف من الأعباء الاقتصادية والقضائية على الدولة، فضلًا عن أنه يعزز الثقة المجتمعية بالنظام العدلي ويظهر طابعه الإصلاحي القائم على حماية المصلحة العامة بالمقام الأول والأخير.

الخاتمة

في نهاية كتابة البحث، لا ينبغي أن تكون معالجة جرائم الأحداث أن تنحصر في التدابير العقابية وحدها، بل يجب أن يكون اعتمادها على سياسات وقائية وإصلاحية تستهدف معالجة أسباب الانحراف قبل وقوعه، فالوقاية المبكرة تمثل الركيزة الأساسية لتفادي وصول الطفل إلى مرحلة الجنوح، إذ إن بناء شخصية الحدث في بيئة أسرية واجتماعية سليمة يخفف من احتمالية وقوعه في السلوكيات المنحرفة، ويعزز من قدرته على التكيف مع متطلبات الحياة بالشكل السليم.

كما أن صلاح المجتمع يتوقف على مدى نجاح المؤسسات التربوية والاجتماعية في أداء أدوارها بفعالية والتزامها بالسياسات المشروطة عليها، وذلك من خلال الاهتمام باحتياجات الأحداث وتقديم برامج تعليمية ومهنية تعزز من مهاراتهم وتوجه طاقتهم الوجهة الصحيحة، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عبر تكامل جهود الأسرة والمدرسة والجهات العدلية والاجتماعية، مع الاستناد إلى دراسات علمية متخصصة تكشف عن أبرز المشكلات وتضع الحلول المناسبة لها.

وعليه، فإن الاستثمار في رعاية الحدث وتأهيله هو استثمار في استقرار المجتمع بأسره، وضمان لمستقبل أكثر أمنًا وعدلاً، بحيث تتكامل الجهود لحماية الفرد والمجتمع في آنٍ واحد.

أهم النتائج:

  • عرف المنظم السعودي الحدث بأنه: كل ذكر أو أنثى أتم (السابعة) ولم يتم (الثامنة عشرة) من عمره.
  • العبرة في تحديد سن الحدث هو وقت ارتكابه للفعل المعاقب عليه. 
  • العقوبات التقليدية قد تفاقم من خطورة الحدث وتزيد احتمالية عودته للجريمة.
  • التدابير الإصلاحية، خاصة تلك التي تبدأ من الأسرة وتعززها المؤسسات الاجتماعية، تعد أكثر فاعلية في إعادة دمج الحدث مع المجتمع.

التوصيات:

  • تعزيز دور الأسرة والمجتمع في الوقاية من الجريمة قبل وقوعها.
  • إعادة النظر في برامج التأهيل الأحداث بما يواكب التطور التكنولوجي الحديث.
  • رفع كفاءة الكوادر القضائية والاجتماعية المتعاملة مع قضايا الأحداث.
  • توسيع برامج التأهيل النفسي والتربوي داخل المؤسسات الإصلاحية.

قائمة المراجع والمصادر

أولاً: الأنظمة واللوائح

  1. نظام الأحداث، الصادر بمرسوم ملكي، رقم م/113 بتاريخ 19/11/1439 هـ.
  2. نظام حماية الطفل، الصادر بمرسوم ملكي، رقم م/14 بتاريخ 3/2/1436 هـ.
  3. اللائحة التنفيذية لنظام الأحداث، الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (237) وتاريخ 16/4/1442هـ.
  4. اللائحة التنظيمية لدور الأحداث، والصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (492) وتاريخ 24/8/1442هـ.

ثانيًا: الدراسات القانونية

  1. سارة المراغي، (2018م)، ” جرائم الأحداث: أسبابها وسبل معالجتها في ضوء الفقه الإسلامي والقانون القطري” كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر.

ثالثًا: الدوريات

  1. المحروقي، ميادة. (2020)، ” العدالة الجنائية للحدث بين النظامين السعودي والفرنسي”، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية, 73: 500-527.
  2. صباح، مريوة. (2020)، ” المسؤولية الجزائية للحدث في القوانين العربية”، مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية”، 2: 4-19.
  3. بلقاسم، عوين. (2017)،” جنوح الأحداث الأسباب والحلول”, مجلة قبس للدراسات الإنسانية والاجتماعية”, 1: 158-162. 

رابعًا: المواقع الإلكترونية.

وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، رعاية الأحداث، (2025)، متاح على: https://www.hrsd.gov.sa/621

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *